للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان/ ما ذكره بعد ذكر الخارج النجس نظير قوله وغيره، ومن نظائر قوله وغيره أيضًا: أن لا يتوضأ في الماء الراكد (١) القليل، وأن يغسل ثوبه من المني أو (٢) يفرك اليابس منه، ولا أن (٣) يقطع الوتر، وأن يراعي الترتيب في الفوائت، وأن يمسح ربع رأسه (٤). وذكر الإمام التمرتاشي عن شيخ الإسلام المعروف بخواهر زاده: أنه إذا لم يعلم منه هذه الأشياء بيقين يجوز الاقتداء به، ويكره، ثم قال: ولو شهد احتجامه ولم يتوضأ وغسل موضع الحجامة، الصحيح: أنه لا يجوز الاقتداء به لمن شاهد ذلك ولو غاب عنه، ثم رآه يصلي الصحيح: أنه يجوز الاقتداء يه، ثم ذكر هاهنا الفساد الراجع إلى زعم المقتدي حيث قال: وإذا علم المقتدي ما يزعم به فساد صلاته، ولم يذكر حكم الفساد الراجع إلى زعم (٥) الإمام (٦). وذكر الإمام التمرتاشي: فإن شاهد أنه مس امرأةً ولم يتوضأ، ثم اقتدى به فإن أكثر مشايخنا قالوا: يجوز، وقال الهندواني وجماعة: لا يجوز (٧).

قلت: وقول الإمام الهندواني: أقيس لما أن زعم الإمام أن صلاته ليست بصلاة، فكان الاقتداء حينئذ بناء الموجود على المعدوم في زعم الإمام، وهو الأصل، فلا يصح الاقتداء، والمختار في القنوت الإخفاء، وذكر شيخ الإسلام، ولم يذكر في الكتاب أنه يجهر بالقنوت أم يخافت به، فلا إشكال في المنفرد أنه يخافت (٨). وأما إذا كان إمامًا فقد اختلف فيه المشايخ قال بعضهم: بأنه يخافت بها، وإليه ذهب الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل، وأبو حفص السفكردري رحمه الله (٩)، وقد جرى التوارث بالمخافتة في مسجد أبي حفص الكبير (١٠) وهو من أصحاب محمد رحمه الله، ولولا أنه علم من محمد أن من (١١) سننه المخافتة لما خافت (١٢)، ولأن القنوت دعاء في الحقيقة، والسبيل فيه المخافتة إلا لعارض أمر، وكان الجهر بالقنوت في بلادنا إنما استحسنوا بخلاف القياس؛ لأن البلاد بلاد عجم، وكانوا لا يعلمون (١٣) ذلك، فاستحسنوا الجهر؛ لكي يتعلموا كما روي عن عمر رضي الله عنه أنه جهر بالثناء حين قدم عليه وفد العراق ليتعلموا (١٤).


(١) المَاء الراكد: الْمُقِيم الدَّائِم السَّاكِن الَّذِي لَا يجْرِي (تفسير غريب ما في الصحيحين البخاري ومسلم ص ٢٢١)
(٢) في ب و بدل من أو
(٣) في ب أن لا بدل من ولا أن
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٨.
(٥) ساقط من ب (المقتدي حيث قال: وإذا علم المقتدي ما يزعم به فساد صلاته، ولم يذكر حكم الفساد الراجع إلى زعم)
(٦) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٨.
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٨، وحاشية ابن عابدين: ٢/ ٧.
(٨) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٨، والبحر الرائق: ٢/ ٥١.
(٩) السفكردري: قال الخاصي: ذكر أبو حفص السفكردري في مختصر غريب الرواية، ولم يذكر السمعاني هذه النسبة فى كتابه. (الجواهر المضية: ٢/ ٣١٧).
(١٠) هو: أحمد بن حفص البخاري، المعروف بأبي حفص الكبير فقيه حنفي، انتهت إليه رئاسة الأصحاب ببخارى، وإلى ابنه أبي عبد الله محمد المعروف بأبي حفص الصغير. أخذ العلم عن محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، وبرع في الرأي، وسمع من وكيع بن الجراح، وأبي أسامة، وهشيم، وجرير بن عبد الحميد وغيرهم. وتفقه عليه ابنه أبو عبد الله وله أصحاب لا يحصون. قال اللكنوي: ولأبي حفص هذا اختيارات يخالف فيها جمهور الأصحاب.
(سير أعلام النبلاء: ١٠/ ١٥٧)، و (الجواهر المضية: ١/ ٦٧)، و (تاج التراجم: ص ٩٤).
(١١) ساقط من ب (من محمد أن من)
(١٢) في ب خالفة بدل من خافت
(١٣) في ب يعرفون بدل من يعملون
(١٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٢٩٢.