للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإذا صار منسوبا للمكره (١) صار المكره آلة له، فأما الزنا ففعل لا يتصور أن يكون المكره فيه آلة للمكره؛ لأن الزنا آلة الغير لا يتحقق ولهذا لا يجب الحد على المكره فبقي الفعل مقصورا على المكره فيلزمه الحد.

ووجه قوله الآخر: إن الحد مشروع للزجر، ولا حاجة إلى ذلك في حالة الإكراه؛ لأنه كان منزجرا إلى أن [يتحقق] (٢) الإلجاء (٣)، وخوف التلف على نفسه، [فإنما] (٤) كان قصده بهذا الفعل دفع الهلاك عن نفسه لا اقتضاء الشهوة فيصير ذلك شبهه في إسقاط الحد [عنه] (٥)، وانتشار الآلة لا يدل على انعدام الخوف، فقد تنتشر الآلة طبعا بالفحولة التي ركبها الله تعالى في الرجال، وقد تكون ذلك طوعا.

ألا ترى أن النائم تنتشر آلته طبعا من غير اختيار له في ذلك، ولا قصد، ثم على قول الآخر قال أبو حنيفة -رحمه الله- إن كان المكره غير السلطان يجب الحد على المكره، وقال أبو يوسف ومحمد -رحمهما الله- إذا كان قادرا على إيقاع ما هدده به، فلا حد على المكره (٦) سواء كان المكره سلطانا أو غيره قيل: هذا اختلاف عصر، فقد كان السلطان مطاعا في عهد أبي حنيفة -رحمه الله- ولم يكن لغير [السلطان] (٧) من القوة ما يقدر على الإكراه، فأجاب بناء على ما شاهد في زمانه، ثم تغير حال الناس في عهدهما، وظهر كل متغلب في كل موضع فأجاب بناء على ما شاهدا في زمانهما،


(١) في (أ) إلى المكره وفي (ب) ساقطة والصحيح كما في (ب).
(٢) في (ب) يحقق.
(٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٨٩).
(٤) في (أ) وإنما وفي (ب) فإنما والصحيح ما ذكر في (ب) كما في المبسوط.
(٥) في (أ) عليه وفي (ب) عنه والصحيح ما ذكر في (ب) كما في المبسوط.
(٦) ساقطة من (أ) و.
(٧) ساقطة من (أ).