للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل هذا اختلاف حكم، ووجه قولهما أن المعتبر في إسقاط الحد هو الإلجاء وذلك بأن يكون المكره قادرا على إيقاع ما هدد به لأن خوف التلف للمكره بذلك يحصل.

ألا [ترى] (١) أن السلطان لو هدده، وهو يعلم أنه لا يفعل ذلك [به] (٢) لا يكون مكرها، وخوف التلف يتحقق عند قدرة المكره على إيقاع ما هدد به بل خوف التلف بإكراه غير السلطان أظهر منه بإكراه السلطان فالسلطان ذوا أناة في الأمور لعلمه أنه لا يفوته وغير السلطان ذو عجلة لعلمه أنه يفوته ذلك بقوة السلطان ساعة فساعة.

وأبو حنيفة -رحمه الله- يقول: الإلجاء لا يتحقق بإكراه غير السلطان، وإنما يتحقق بإكراه السلطان؛ لأنه لا يتمكن من دفع السلطان عن نفسه بالالتجاء إلى من هو أقوى منه، ويتمكن من دفع اللص عن نفسه بالالتجاء إلى قوة السلطان، فإن [اتفق] (٣) في موضع لا يتمكن من ذلك، فهو نادر، والحكم إنما ينبني على أصل السبب لا على الأحوال، وباعتبار الأصل يمكن دفع إكراه غير السلطان بقوة السلطان، ولا يمكن دفع إكراه السلطان بشيء، ثم في كل موضع، وجب الحد على المكره لا يجب المهر لها؛ لأن الحد والمهر لا يجتمعان عندنا بسبب فعل واحد خلافا للشافعي -رحمه الله- (٤) وفي كل موضع سقط الحد، وجب المهر لأن الواطئ في غير الملك لا ينفك عن حد، أو مهر، فإذا سقط الحد، وجب المهر لإظهار خطر [المحل] (٥) فإنه [مصون] (٦) عن


(١) ساقطة من (أ).
(٢) في (ب) فإنه.
(٣) في (أ) القوة وفي (ب) اتفق والصحيح ما ذكر في (ب).
(٤) انظر: مختصر المزني (١/ ١١٧).
(٥) في (ب) خطر المهر.
(٦) في (ب) يتصور.