للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو كان اختلافهم في الثمن قبل نقد الثمن، فهو على وجهين:

الأول: أن تكون الدار في يد البائع، وفي هذا الوجه ينظر إن كان ما قاله البائع [أقل مما قالا، فالقول قول البائع، ويأخذ الشفيع بذلك من غير يمين على أحد، وإن كان ما قاله البائع] (١) أكثر مما قالا، فالبائع مع المشتري يتحالفان، فبعد ذلك إن نكل البائع فالشفيع يأخذ بألفين، وإن نكل المشتري لزمه ثلاثة آلاف درهم، والشفيع يأخذ بثلاثة آلاف درهم إن شاء، وليس له أن يأخذها بألفي درهم، وإن حلفا وطلبا الفسخ من القاضي، أو طلب أحدهما ذلك، وفسخ القاضي العقد بينهما، فالشفيع يأخذ بما قاله البائع إن شاء، ففسخ العقد مما لا يبطل حق الشفيع خصوصًا على قول العامة، فإن عندهم من ضرورة أخذ الشفيع الشفعة من المشتري ينفسخ العقد الذي جرى بين البائع والمشتري، وقد ذكرناه من رواية «الجامع الكبير» فكان الفسخ مقررًا لحق الشفيع لا رافعًا، ولأن حق الشفيع لما ثبت بطلبه عند سماع البينة قد وقع لازمًا، ولا يرتفع حقه الثابت بفسخ المتبايعين بيعهما بعد ذلك؛ لأن حق الشفيع منفصل عن حق المتبايعين؛ لأنه لما بدأ بالإقرار [إن] (٢) تعلقت الشفعة به، أي: بالإقرار بالبيع، فبقوله بعد ذلك قبضت الثمن.

يريد إسقاط حق الشفيع، أي: حق الشفيع الذي تعلق بالبيع بما قال البائع من مقدار الثمن؛ لأنه لو تحقق استيفاء الثمن كان البائع أجنبيًّا من هذا البيع؛ لأن هذا الكلام فيما إذا وقع تسليم الدار إلى المشتري في «الذخيرة»، فلما وقع تسليم الدار إلى المشتري واستيفاء الثمن للبائع كان البائع والأجنبي في حق هذا العقد سواء، وكلام الأجنبي لا يُسمع في حقِّ مقدار [هذا] (٣) الثمن، فكذا قول هذا البائع، بيان هذا فيما ذكره في «الذخيرة» (٤).

وقال: «وإذا كانت الدار في يد المشتري فقال البائع: بعتُها إيَّاه بألف درهم، واستوفيت الثمن، وقال المشتري: اشتريتها بألفين؛ أحدها بألفين، والفرق/ أن البائع إذا بدأ بالإقرار بالاستيفاء لا يصح منه بيان مقدار الثمن بعد ذلك؛ لأنه لم يبق بعد استيفاء الثمن وتسليم الدار إلى المشتري ذا حظ من هذا العقد بل صار كالأجنبي، ولو أن أجنبيًّا بيَّن مقدار الثَّمن لا يصح بيانه. كذا هاهنا، وإذا بدأ ببيان مقدار الثمن [التي] (٥) لا يصح منه الإقرار بالاستيفاء بعد ذلك؛ لأن قبل الإقرار بالاستيفاء ثبت حق الآخر (٦) للشفيع بذلك المقدار، وبالإقرار بالاستيفاء يبطل ذلك الحق على الشفيع، أي: في حق المقدار، كما في المسألة التي بدأ بالاستيفاء، ثم بين المقدار لأن بالإقرار بالاستيفاء يتبين أن [بيان] (٧) مقدار الثمن منه لم يصح؛ لأنه لم يبق ذا حظ من هذا العقد، فلم يصح الإقرار بالاستيفاء، أي: [في حق] (٨) الشفيع في حق المقدار صيانة لحق الشفيع، وإذا لم يصح الإقرار بالاستيفاء بقي [بيان] (٩) مقدار الثمن صحيحًا؛ لأنه بين مقدار الثمن، وهو ذو حظ في هذا العقد؛ لأن له الاستيفاء بحكم هذا العقد.


(١) ما بين المعكوفين ساقط من: (ع).
(٢) ساقطة من: (ع).
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) ينظر: بدائع الصنائع: ٥/ ٣١.
(٥) ساقطة من: (ع).
(٦) في (ع): «الأخذ».
(٧) ساقطة من: (ع).
(٨) في (ع): «بحق».
(٩) ساقطة من: (ع).