للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المشتري من العدو يعني: أن المشتري من العدو والمولى القديم إذا اختلفا فقد نص في «السير الكبير» (١) أن البينة بينة المولى القديم، ولم يذكر فيه قول أبي يوسف لما بينهما من الوحشة حين صنف «السير الكبير»، ولئن سلمنا فهناك العمل بالبينتين غير ممكن في حق المولى القديم؛ لأن الشرى الثاني ناسخ للأول، فصرنا إلى الترجيح بالزيادة بهذا.

وهذه طريقة لأبي (٢) حنيفة في هذه المسألة حكاها محمد، والطريقة الثانية حكاها أبو يوسف، وهي قوله في الكتاب: «ولأن بينة الشفيع ملزمة، وبينة المشتري غير ملزمة، والبينتان للإلزام، بيان هذا: أنه إذا قبلت بينة الشفيع وجب على المشتري تسليم الدار إليه [بألف] (٣) شاء، أو إلى (٤)، وإذا قبلت بينة المشتري لا يجب على الشفيع شيء، ولكنه يتخير بين أن يأخذ أو يترك، وبه فارق بين البائع والمشتري؛ لأن كل واحد من البينتين هناك ملزمة، وكذلك بينة الوكيل مع الموكل كل واحد منهما ملزمة، فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة، وفي (٥) مسألة المشتري من العدو يقول على هذه الطريقة: البينة بينة المولى القديم؛ لأنها ملزمة، وبينة المشتري غير ملزمة. هذا كله في الباب الأول من «شفعة المبسوط» (٦).

وإذا ادَّعى المشتري شيئًا، وادَّعى البائع أقل منه، ولم يقبض الثمن إلى آخره، ولم يتعرض لبيان أن الدار في يد البائع أو في يد المشتري؛ لأن ذلك لا يختلف؛ لأنه ذكر في «الإيضاح» (٧): «فإذا اختلف البائع معهما، أي: مع المشتري والشفيع والدار في يد البائع أو المشتري، ولم ينقد الثمن، فالقول [في ذلك] (٨) قول البائع، ويتحالفان، [ويترادان] (٩)، وإن ادَّعى البائعُ الأكثر، أي: الأكثر مما قاله المشتري والشفيع؛ لأنه وضع هذه المسألة في «المبسوط» (١٠) و «الذخيرة» (١١) في اختلاف (١٢) هؤلاء الثلاثة بأن قال الشفيع: [الثمن] (١٣) ألف. وقال المشتري: ألفان. وقال البائع: ثلاثة آلاف. فإن أقاموا البينة، فالبينة بينة البائع؛ لأنها تُثبت الزيادة.


(١) السير الكبير في الفقه، للإمام محمد بن الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة، وهو آخر مصنفاته، صنفه بعد انصرافه من العراق. ينظر: كشف الظنون: ٢/ ١٠١٣.
(٢) في (ع): «أبي».
(٣) ساقطة من: (ع).
(٤) (ع): «أبي»، والصواب: (شاء أو أبى). ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠١.
(٥) في (ع): «في» بدون الواو.
(٦) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٠.
(٧) ينظر: البناية: ١١/ ٣٢٣.
(٨) زيادة من: (ع).
(٩) ساقطة من: (ع).
(١٠) ينظر: المبسوط: ١٤/ ١٠٠.
(١١) ينظر: البناية: ١١/ ٣٢٤.
(١٢) في (ع): «باختلاف».
(١٣) زيادة من: (ع).