للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال شمس الأئمة الحلواني: وهذا أحسن، ولو قام واعتمد على عصا له، أو على قوس له، ودعا كان ذلك حسنًا أيضًا. كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (١)، و «المحيط» (٢).

فإن لم يحضر صلى الناس فرادى إن شاء ركعتين، وإن شاءوا أربعًا؛ [لأن هذا تطوع، والأصل في التطوعات أداءها فرادى إن شاءوا ركعتين، وإن شاءوا أربعًا، وذلك أفضل] (٣). كذا في «المبسوط» (٤).

(تحرزًا عن الفتنة) (٥) أي: فتنة التقديم، والتقدم، والمنازعة فيهما (٦)، وليس في كسوف القمر جماعة (٧).

وفي «المبسوط» (٨): عاب أهل الأدب محمدًا -رحمه الله- في هذا اللفظ، وقالوا: إنما يستعمل في القمر لفظ الخسوف قال الله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (٨)} (٩)، ولكنا نقول: الخسوف ذهاب دائرته، والكسوف ذهاب ضوءه (١٠) دون دائرته، فإنّما أراد محمد هذا النوع بذكر الكسوف.

وفي «المغرب» (١١) يقال: كسفت الشمس، والقمر جميعًا عن الغورى، ثم قال: وكيفما كان فقول محمد -رحمه الله- صحيح.

(فافزعوا إلى الصلاة) (١٢) أي: التجئوا إليها يقال: فزع إليه التجاء، والمفزع الملجأ، وفزع منه خاف، وهذا عندنا. وقال الشافعي -رحمه الله-: يصلي في خسوف القمر بجماعة أيضًا لما روي عن ابن عباس أنه صلّى بهم في خسوف القمر، وقال: «صليت كما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) (١٣)، وذهب أصحابنا في ذلك إلى أن خسوف القمر كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ككسوف الشمس، بل أكثر فلو صلّى بجماعة؛ لنقل ذلك عنه نقلًا مستفيضًا كما نقل عنه ذلك في صلاة الكسوف، بل أكثر، ولأنّ القياس في التطوعات (١٤) أن لا تؤدّى بجماعة؛ لأنها شرعت خفية، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل صلاة الرجل صلاته في بيته إلا المكتوبة» (١٥)، إلا أنا تركنا هذا القياس في صلاة الكسوف بالنص الظاهر، ولم يرد مثل ذلك في هذا فرد إلى القياس، والنص الوارد فيه لا يكون واردًا هاهنا؛ لأن الهول في كسوف الشمس فوق الهول في كسوف القمر. كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (١٦).


(١) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٩٨، ٩٠.
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٦٤.
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٣٧.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٧.
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٩٠.
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٣٨.
(٩) سورة القيامة، الآيتان: (٧، ٨).
(١٠) في (ب): " الضوء ".
(١١) (٢/ ٢١٩ - مادة "كسف").
(١٢) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٧.
(١٣) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٣/ ٣٣٨ - ٦١٥١)، من حديث الحسن.
(١٤) في (ب): "التطوع".
(١٥) أخرجه البخاري في «صحيحه» (١/ ١٤٧)، كتاب الأذان، باب صلاة الليل، رقم (٧٣١)، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه.
(١٦) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٦٦.