للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المحيط» (١): وقال [في] (٢) الأصل: اللبن أو القصب، فدلّ المذكور في «الجامع الصغير» [على] (٣) أنّه لا بأس بالجمع بينهما.

وفي «المغرب» (٤): الطُنُّ [بالضم] (٥) الحزمة من القصب، وحكى عن شمس الأئمة الحلواني -رحمه الله-: أنه قال: [هذا] (٦) في قصب لم يعمل، وأما القصب [المعمول] (٧)، وبالفارسية: (بورياء بافته أزني)، فقد اختلف المشايخ فيه، قال بعضهم: لا يكره؛ لأنه قصب كله، وقال بعضهم: يكره؛ لأنه لم يرد السنة بالمعمول، وأمّا الحصير المتخذ من البردي، فإلقاؤه في القبر مكروه؛ لأنه لم يرد السنة به، وكثير من الصحابة - رضي الله عنهما - أوصوا بأن يرمسوا في التراب رمسًا، أي: يُدفنوا من غير شق ولا لحد، وقالوا: «ليس جنبنا الأيسر بأولى من الأيمن في التراب»، وكانوا يرمسون في التراب رمسًا، ويهال عليهم التراب إلا أن الوجه يوقّى من التراب بلبنتين، أو ثلاث. كذا في «المحيط» (٨).

(هلّت الدقيق في التراب (٩) صببته من غير كيل، وكل شيء أرسلته إرسالًا من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه، قلت: هلته أهيلة هيلًا، فإنها رأى جري فانصب. كذا في «الصحاح» (١٠). ومنه، (ثم يهال التراب) (١١) أي: يصب.

(ويُسنّم القبر) (١٢) المراد من تسنيم القبر: رفعه من الأرض مقدار شبر أو أكثر قليلًا، ولا يُربّع، وقال الشافعي -رحمه الله-: يربّع، ولا يسنم، والتسنيم هو الذي على رسمنا، واحتج بما روى المزني -رحمه الله- (١٣) بإسناده أنّه: «لما توفى إبراهيم -رحمه الله- ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل رسول الله قبره مسطّحًا» (١٤)، واحتجّ علماؤنا بحديث سعد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنه -: «أن جبرئيل - صلى الله عليه وسلم - صلّى بالملائكة على آدم - صلى الله عليه وسلم -، وسنّم قبره» (١٥)، وعن إبراهيم النخعي -رحمه الله- أنّه قال: «أخبرني من رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقبر أبي بكر، وعمر أنها مسنّمة عليها فلق من مدر بيض» (١٦)، ولأن تربيع القبر تشبه بصنيع أهل الكتاب، والتشبيه بصنيعهم فيما لنا منه بدّ مكروه، وتأويل حديث إبراهيم أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سطّح قبره أولًا، ثم سنّم. كذا في «المبسوط» (١٧)، و «المحيط» (١٨)، والله أعلم بالصواب (١٩).


(١) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٨.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) (٢/ ٢٨ - مادة "طنن").
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٨.
(٩) في (ب): " الجراب ".
(١٠) ينظر: (٥/ ١٨٥٥ - مادة "هيل").
(١١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(١٢) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٩٢.
(١٣) إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل، أبو إبراهيم المزني: صاحب الإمام الشافعي. من أهل مصر. كان زاهدًا عالمًا مجتهدًا قوي الحجة. وهو إمام الشافعيين. نسبته إلى مزينة من مضر قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي. مات بمصر سنة أربع وستين ومائتين. من كتبه "الجامع الكبير"، و"الجامع الصغير"، و"المختصر"، و"الترغيب في العلم". ينظر: سير أعلام النبلاء: ١٢/ ٤٩٣.
(١٤) ذكره برهان الدين في (المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤٩)، من طريق المزني.
(١٥) أخرجه الدارقطني في «سننه» (٢/ ٧٠)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(١٦) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٣/ ٢٢ – ١١٧٣٤)، من حديث سفيان التمار.
(١٧) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١١١.
(١٨) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٤٩، ٢٥٠.
(١٩) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٤٠، ١٤١.