للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وهو أنْ تكونَ العشرِة منها وزن سبعةِ مثاقيل) (١)، أي: تُوزن كلُّ عشرةٍ فيها سبعةُ مثاقيل، وتفسيره ما ذُكر في بيوع التتمةِ (٢)، وقيل فيها: واعلم بأنَّ الدَّراهمَ في الابتداءِ كانت على ثلاثة أصناف: صنِف منها كل عشرة مِنه عشر مثاقيل كلُّ درهم مِثْقَال، وصنف منها كل عشرة منه ستة مثاقيل كلُّ درهم ثلاثةُ أخماس مِثْقَال، وصِنف منها كلُّ عشرة منه خمسةُ مثاقيل كلُّ درهم نصف مِثْقَال.

فكان الناسُ يتصرفونَ بها ويتعاملون فيما بينهم إلى أنْ استُخْلِفَ (٣) عُمُر -رضي الله عنه-، فأراد أن يستوفي الخَراج (٤) بالأكثر، فالتمسوا منه التخفيفَ فجمع حُسّابَ زمانه؛ ليتوسطوا ويوفقوا بين الدراهم كلِّها، وبين ما رامه عُمر وبين ما رامته الرعيةُ، فاستخرجوا له وزن السبعة (٥).

وإنما فعلوا لأحدِ وجوهٍ ثلاثة: أحدها: أنك إذا جمعت من كل صنف عشرة دراهم صار الكل واحدًا وعشرين مِثْقَالاً، فإذا أخذت ثُلث ذلك كان سبعة مثاقيل.

والثاني: أنك إذا أخذت ثلاث عشرة من كل صنف، وجمعت بين الأثلاث الثلاثة المختلفة كانت سبعة مثاقيل.

والثالث: أنك إذا ألقيت الفاضل على السبعة من العشرِة، أعني: الثلاثة، والفاضل أيضًا على السبعة من مجموع الستةِ والخمسةِ، أعني: الأربعة، ثُمَّ جمعت مجموعُ الفاضلين، أي: فاضل السبعة من العشرِة، وفاضلُ المجموعِ في الستة والخمسة، وهو ما ألقيتهُ كان سبعةُ مثاقيل، فلما كانتْ سبعةُ مثاقيلَ أعدل الأول فيها ودارتْ في جميعها بطريق مستقيم اختاروها، فهو في حُكم الْفِضَّة حتى لا تُشتَرطُ نيةُ التجارة حين اشتراه في حقِّ وجُوبِ الزكاة، ويجبُ عليه أداءُ خمَسةِ دراهمَ زكاة إذا تمَّ الحولُ على المائتين منه في ذلك فلا يحتاج إلى التقويم؛ لأنْ يبلغ نصابًا من حيث القيمة (٦).


(١) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١٠٣).
(٢) التتمة في الفتاوى؛ لبرهان الدين، محمود بن أحمد بن عبدالعزيز بن عمر بن مازة البخاري المتوفى سنة (٦١٦ هـ) والتتمة كتابٌ جمع فيه مصنفه ما وقع إليه من الحوادث والواقعات وضم إليها ما في الكتب من المشكلات وجمع في كل مسألة روايات مختلفة. يُنْظَر: كشف الظنون (١/ ٨٢٣)، معجم المؤلفين (٣/ ٧٩٦)، الفوائد البهية (ص ٣٣٦).
(٣) في (أ) (أستحلف) وفي (ب) (أستخلف) ولعل مافي (ب) هو الصواب لموافقته سياق الكلام.
(٤) الخَرَاجُ والخَرْجُ ما يحصل من غلة الأرض، ولذلك أطلق على الجزية. يُنْظَر: المصباح المنير (ص: ٨٩).
(٥) يُنْظَر: فَتْحُ الْقَدِيرِ (٢/ ٢١٢).
(٦) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة: (٢/ ٢١٢).