للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقِيلَ في المنِّ: تسقط] الْعُشْرِةُ (١) على الفواسح في أرض إنسانِ الْعُشْرِ، وفيهِ نَظَرٌ؛ لأنّهُ اتفاقي، كذا ذكرهُ الإمامُ التُّمُرْتَاشِي -رحمه الله- فأشبه الإبريسمِ، أي: فأشبه الإبريسمَ الذي يكونُ من دُوْدِ القَزِّ؛ وذلك لأنّ العسلَ نِزُل طائرٍ فَسَكنَ الأرضَ كِفراخِ الحمامِ، وليس بنزلٍ خارج من الأرض، والْعُشْرِ إنما وَجَبَ/ مما تخرجُهُ الأرضُ، ولنا ما رَوَىَ عبدُ الله بنُ عمرو بن العاص -رضي الله عنه-: «أنّ بني شبابةَ قومٌ مِن جُرْهم كانتْ لهم] نحلٌ (٢) عسّالةٍ يؤُدون إلى رسولِ الله -عليه الصلاة والسلام- مِن كُلِّ عشرِ قُربٍ قِرّبَة، وكانْ يحمي لهم واديهم، فلما كانَ في زَمنِ عُمرَ -رضي الله عنه- استعملَ عليهم سفيانَ بنَ عبدِ الله الثقفي -رضي الله عنه-، فأَبَوا أنْ يُعطوهُ شيئًا، فكتب في ذلك إلى عمر، «فكتبَ إليه عمرُ أنّ النحلَ ذبابُ غيثٍ يسوقهٌ اللهُ تعالى إلى مَنْ شاء. فإنْ أدَّوا إليكَ مَاْ كانوا يُؤدُونَهُ إلى رسولِ اللهِ -عليه الصلاة والسلام- فاحمِ لهم واديهم، وإِلاَّ فخلِّ بينهما وبينَ الناسِ، فدفعوا إليه الْعُشْرِ» (٣).

وعن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- «أنَّ النبَّي -عليه الصلاة والسلام- كتَب إلى أهلِ اليمنِ في العسلِ الْعُشْرِ» (٤)، والمعنى: فيهِ أنّ حديثَ النحلِ يأكلُ مِن أنوارِ الشجرِ (٥) وثمارهاِ.

كما قال الله تعالى: {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} (٦) وما يكونُ منها العسلُ مُتَولِدُ مِن الثمارِ، وفي الثِّمارِ إذا كانتْ في الأرضِ الْعُشْرِيةِ الْعُشْرِ، فكذا فيما يتولد فيها، ولهذا لو كانتْ في الأرضِ الخراجيةِ لم يكنْ فيها شيءٌ فإنهُ لِيس في ثمارِ الأشجار النابتةِ في أرضِ الخراج شيءٌ، وِبهذا فارقْ (دُودَ القَزِّ فإنهُ يأكلُ الورقَ) (٧)، وليس في الأوراقِ شيءٌ فكذلك ماَ يَتولّدُ منها، ولِأَنَّ الأراضيَ يُسْتَنَمى في بلادِ العسلِ باتخاذِ الخلايا، فالتَحقَ النماءُ بالعسلِ بالنماءِ الخارجِ من الأرضِ بالعُرفِ، والعادةُ بخلافِ بُرجِ الحمامِ، فإنهُ يبنى مروة استنماءِ الأرض، كذا في "المَبْسُوط"، و"الْأَسْرَارِ" (٨).


(١) سقطت في (ب).
(٢) سقطت في (ب).
(٣) رَوَاهُ أبو داود في سننه (١٦٠٢)، كتاب الزكاة، باب زكاة العسل. والنسائي في سننه (٢٤٩٩)، كتاب الزكاة، باب زكاة النحل، وأحاديث وجوب العُشّر في العسل لاتبلغ درجة الصحة كما حكم بذلك الإمام الْبُخَارِيُ ونقله الزيلعي في نصب الراية (٢/ ٣٩١) وقال العقيلي (أمّا زكاة العسل فلم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- شيء، وإنما يصح عن عمر فعله أ هـ.
(٤) رَوَاهُ الْبَيْهَقِي في سننه الكبرى (٧٧٠٨ - ٤/ ١٢٦) وقال: قال الزعفراني: قال أبو عبد الله الشَّافِعِي: الحديث فى أن فى العسل العُشّر ضعيف.
(٥) المراد أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وَمَا رَخُصَ مِنْهَا ونَعُمَ. يُنْظَر: لسان العرب (١/ ٣٨٢).
(٦) سورة النحل الآية (٦٩).
(٧) يُنْظَر: الهِدَايَة (١/ ١١٠).
(٨) يُنْظَر: المَبْسُوط للسَّرَخْسِي (٢/ ٣٩١)، وكشف الْأَسْرَارِ (٤/ ٤٨٩).