للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن التحرزَ عن النسيانِ غيرَ ممُكنٍ، والتحرزُ عن مثلِ هذا الخطأ ممكنٌ، ثُمَّ رُكْنٌ الصَّوْم قد/ انعدمَ معنىً، فإنَّ الذي قد حصلَ لُه، وإنْ كانَ مخُطئاً، ولو انعدمَ صورةً لا معنىً، فإنْ تَناوُلَ حصاةٍ فَسَدَ صومُهُ، فإذا انعدمَ] معنى (١) أولى؛ لأنَّ مُراعاةَ المعاني في بابِ العباداتِ أبينُ مِنْ مُراعاةِ الصُّورِ. وكان ابْنُ أبي لَيْلَى يقولُ (٢): إنْ كانَ وضوءُهُ فرضاً لم يفسْد صومُهُ، وإنْ كانَ نفلاً يَفْسُدُ صَومُهُ، وقالَ بعضُ أهل الحديث (٣): إنْ كانَ في الثلاثِ لا يَفسدُ صومُهُ، وإنْ جَاوزَ الثلاثَ فَسَدَ صومُهُ، ومنهم مَنْ فَصَلَ بينَ المضمضةِ في الوضُوءِ، والجنابةِ، والاعتمادِ على ما ذكرنا (٤).

وتأويلُ الحديثِ: أنَّ المرادَ رَفْعُ الإثمِ دُونَ الحُكْمِ، وبه يقولُ إِلاَّ أنَّ رَفْعَ الحُكْمِ هنا غيرُ ثابتٍ نصّاً، ولو ثبتَ إنما يثُبتُ اقتضاءً، والمقتضى لا عمومَ له عِنْدَنا؛ لأنهُ ثابتٌ بالضرورةِ فَيُتَقَدَّرُ بَقَدرِ الضَروُرَة، كذا في المَبْسُوطين (٥)، كالمقيّد، والمريضِ في قضاءِ الصَّلَاةِ (٦)، أيْ: أنَّ المقيّد يقضي، والمريضُ لا يَقضي إذا أدَّيا في حالِ العُذْرِ قاعِداً لمِا ذكرنا أنَّ القيدَ مَنْ قَبِلَ مَنْ ليسَ لَهُ الحقُّ بخلافِ المرضِ.

وكذا إذا نظرَ إلى امرأة فَأمْنَى (٧)، أيْ: لو نَظَرَ إلى وجهِ المرأةِ أو فرجِها (٨)، أيْ: لم يُفْطِرْ بخلافِ حُرْمِة المصُاهرةِ في النظرِ إلى فَرجِ المرأةِ على ما يأتي إنْ شاءَ اللهُ تعالى (٩) لما بينا (١٠)، وهو أنهُ] لم (١١) تُوجْد صورةُ الجِماعِ، ولا معناه (١٢).


(١) سقط في ب.
(٢) يُنْظَر: بَدَائِعُ الصَّنَائع (٢/ ٩١)، شرح الْبُخَارِيُ لابن بطال (٤/ ٦٦).
(٣) يُنْظَر: شرح الْبُخَارِي لابن بطال (٤/ ٦٦)، تحفة الأحوذي (٣/ ٤١٩).
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي (٣/ ١١٩، ١٢٠).
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق (٣/ ١٢٠).
(٦) يُنْظَر: الْبَحْرُ الرَّائِق (٢/ ٢٩٢).
(٧) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ٤٠).
(٨) يُنْظَر: الفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة (١/ ٩٤).
(٩) سيأتي الكلام عنها.
(١٠) يُنْظَر: ص ٢٩.
(١١) سقط في ب.
(١٢) يُنْظَر: الْعِنَايَة شرحُ الهِدَايَة (٢/ ٣٢٩).