للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «المبسوط» (١): وللناس في أصل السعي في بطن الوادي كلام، فقد قيل: بأن أصله من فعل أم إسماعيل هاجر حين كانت في طلب الماء، كلما صار الجبل حائلًا بينها وبين النظر إلى ولدها كانت تسعى حتى تنظر إلى ولدها شفقة منها على الولد، فصار ذلك سنة، والأصح: أن نقول: [فعل رسول الله] (٢) -صلى الله عليه وسلم-[في نسكه] (٣) فأمر أصحابه أن يفعلوا ذلك فنفعله اتباعًا له، ولا نشتغل بطلب المعنى فيه، كما لا نشتغل بطلب المعنى في تقدير الطواف والسعي سبعة أشواط).

(كَمَا فَعلَ عَلَى الصَّفا) (٤).

أي: من التكبير، والتهليل، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، والدعاء بحاجته.

قال: (وَهَذَا شوطٌ واحدٌ فيطوفَ سبعةَ أشواطٍ تبدأُ بالصَّفَا، وَتُختمُ بالمروَةِ) (٥).

وظاهرُما قال [في الكتاب] (٦) (٧): إن ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، وإليه أشار بقوله: يبدأ بالصفا، ويختم بالمروة.

وذكر الطحاوي: "أنه يطوف بينهم سبعة أشواط من الصفا إلى الصفا، وهو لا يعتبر رجوعه فلا يَجْعل ذلك شوطاً آخر، والأصح: ما ذكر في الكتاب؛ لأن رواة نُسك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتفقوا على أنه طاف بينهما [سبعة] (٨) أشواط، وعلى ما قاله الطحاوي يصير أربعة عشر شوطًا) كذا في «المبسوط» (٩).

ومعنى قوله: (يبتدأ بالصفا، ويختم بالمروة)، أي: يبدأ الشوط الأول من الصفا، ويختم الشوط السابع بالمروة، ولو كان الأمر على ما قاله الطحاوي لقال: يبدأ بكل شوط بالصفا، كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (١٠).

فإن قيل: الواجب في الطواف أن يُبدأ كل شوط من موضع واحد، وهو أول ما بدأ به، وهو الحجر الأسود، فينبغي أن يكون السعي كذلك قلنا: الواجب هناك الطواف بالبيت، وهو الدوران حول البيت، والدور حوله إنما يكون أن لو عاد إلى ما بدأ به، وهاهنا الواجب هو السعي بين الصفا والمروة، وهو ساع بينهما من أي موضع بدأ من الصفا أو المروة.


(١) المبسوط (٤/ ١٣).
(٢) في: (ب)، (ج) فعله.
(٣) أثبته من (ب).
(٤) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٤)
(٥) انظر: بداية المبتدي (١/ ٤٤)
(٦) أثبته من (ب، ج)، والكتاب: مختصرالقدوري.
(٧) انظر: المبسوط (٤/ ١٤).
(٨) أثبته من (ب).
(٩) انظر: المبسوط (٤/ ١٤).
(١٠) الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني (٢/ ٣٥٧).