للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أن من حلف لا يأكل لحمًا فأكل لحم الآدمي أو لحم الخنزير يحنث وإن كان النّاس لا يأكلون لحم الادمي ولا لحم الخنزير عرفاً (١)، فعلم بهذا أنّ العرف العمل لا يصلح مقيدًا لإطلاق اللّفظ وكذلك ههنا المتعارف أن لا يتزوّج النّفيس الخسيسة عملاً ولكن لا يكون هذا رافعًا لإطلاق اللفظ كما أنّ هناك عرف وترك أكل لحم الآدمي والخنزير لم يصلح مقيدًا لإطلاق قوله لا يأكل لحمًا بل بقي اللّحم مطلقاً كما كان لأنّ إطلاقه لا يرتفع إلا بلفظ آخر وذكر شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ -رحمه الله- (٢) المنع في مسألتي الْفَحْم وَالجَمد (٣) لما أنّ ذلك أيضاً عرف عملي فلا يصلح مقيدًا لإطلاق اللّفظ كذا في الفوائد الظهيريّة ولو زوّجه صغيرة لا يجامع مثلها جاز بالإجماع فإنّه معتاد ألا ترى أن النبي -عليه السلام- تزوج عائشة - رضي الله عنها- وهي بنت ست سنين (٤) ذكره الإمام المحبوبي أن اعتبار الكفاءة استحسان عندهما أي في جانب النساء للرجال.

وأمّا في القياس فهو غير معتبر؛ لأنّه ذكر في الْمَبْسُوطِ (٥)، وإذا تزوّجت المرأة رجلاً خيراً منها فليس للولي أن يفرق بينهما؛ لأنّ الكفاءة غير مطلوبة من جانب النّساء لأنّ الولي لا يتغير بأن يكون تحت الرجل من لا يكافئه؛ لأن نسب الولد يكون إلى أبيه لا إلى أمّه ألا ترى أن إسماعيل -عليه السلام- كان من قوم إبراهيم -عليه السلام-[لا] (٦) من قوم هاجر، وكذلك إبراهيم -عليه السلام- ابن رسول الله -عليه السلام- كان من قريش وما كان قبطياً، وأولاد الخلفاء من الإماء يصلحون للخلافة.

وذكر الإمام الإسْبِيجَابِيّ -رحمه الله-.

وقولهما أحسن للفتوى وبه أخذ الفقيه أبو الليث -رحمه الله- والله أعلم.


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ٢٧).
(٢) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (١٢/ ٢١٤).
(٣) الجَمَد: المَاء الجامد، وَقد جَمَدَ يَجْمُد جُمُوداً، وقال: البابرتي في شرح الهداية: "شِرَاءِ الْفَحْمِ بِأَيَّامِ الْبَرْدِ، وَبِالْجَمْدِ بِسُكُونِ الْمِيمِ: مَا جَمَدَ مِنْ الْمَاءِ لِشِدَّةِ الْبَرْدِ. ".
يُنْظَر: تهذيب اللغة (١٠/ ٣٥٧)، الصحاح (٢/ ٤٥٩)، العناية (٨/ ٧٨).
(٤) سبق تخريجه (ص ١٤٩).
(٥) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ٢٩).
(٦) ساقط من (ب).