للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشرط الإعتاق أن يكون قبل المسيس، وإعتاق النصف حصل بعده.

فإنّ قيل: أي إعتاق وجد بعد هذا وإن كان إعتاق رقبة كاملة فهو إعتاق بعد المسيس، فعلى هذا أنّه إذا أعتق رقبة كاملة ينبغي أن لا يجوز عن الكفارة -أيضاً-؛ لأنّه إعتاق بعد المسيس.

قلنا: إنّما يجوز؛ لأنّه إعتاق رقبة كاملة قبل المسيس الثاني، فصار إعتاق نصف العبد كأن لم يكن؛ لأنّ الشرط أن يكون إعتاق كلّ الرقبة موجودًا قبل المسيس، فصار كأنّه صام شهراً، ثم مسّها، ثم صام شهراً لا يجوز الصّوم عن الكفارة بل يجب الاستئناف (١).

فكذلك ههنا وإذا لم يجد المظاهر ما يعتق فكفّارته صوم شهرين.

وفي «المحيط» وإذا لم يملك رقبة ولا ثمن رقبة يصوم شهرين متتابعين، فإن صام شهرين بالأهلة (٢) جاز، وإن كان كلّ شهر تسعة وعشرين يومًا، وإن صام بغير الأهلة ثم أفطر لتمام تسعة وخمسين يومًا فعليه الاستقبال (٣).

ولا يوم الفطر ولا يوم النحر حتّى لو دخل في صومه يوم النّحر وأيّام التشريق (٤) فعليه استقبال الصّوم؛ لأنّ الصّوم في هذه الأيّام منهيّ فلا يتأدّى [به] (٥) الواجب في ذمته، وينقطع التتابع بتحلل هذه الأيام.

(فَإِنْ جَامَعَ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا فِي خِلَالِ الشَّهْرَيْنِ) إلى آخره، اعلم أنّه إن أكل في صوم الظّهار ناسياً لصومه [لم] (٦) يضره، وكذلك إن جامع ناسياً غير التي ظاهر منها؛ لأنّ حرمة هذا الفعل عليه لأجل الصّوم، فيختلف بالنسيان والعمد بخلاف ما لو جامع التي ظاهر منها، عند أبي حنيفة ومحمّد -رحمهما الله-، فإنّ حرمة ذلك الفعل ليست لأجل الصّوم (٧).

ألا ترى أنّه كان محرمًا قبل الشروع في الصّوم فيستوي النسيان والعمد، كذا في «المبسوط» (٨).


(١) الِاسْتِئْنَاف ابْتِدَاء الشَّيْء. ينظر: (تحرير ألفاظ التنبيه ص ٤٥).
(٢) الهِلالُ: أوَّل ليلةٍ والثانية والثالثة، ثم هو قمرٌ. ينظر: (الصحاح ٥/ ١٨٥١).
(٣) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٣/ ٤٣٦).
(٤) أَيَّام التَّشْرِيق ثَلَاثَة بعد يَوْم النَّحْر سميت بذلك لِأَن النَّاس يشرقون فِيهَا لُحُوم الْأَضَاحِي والهدايا أَي ينشرونها ويقددونها وايام التَّشْرِيق هِيَ الْأَيَّام المعدودات. ينظر: (تحرير ألفاظ التنبيه ص ١٣٠).
(٥) سقطت من (أ).
(٦) في (ب): لا.
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي (٣/ ٨٤).
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ١٤).