للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا إذا كان الطلاق واحداً يحلّ به وطؤها بملك اليمين، فيضاف الولد إلى أقرب الأوقات، فحينئذ كان ولد الأمة فلا يثبت نسبه من غير دعوة.

فإن قيل: وجب أن ينكشف الحرمة بملك اليمين، وإن كانت الحرمة بملك اليمين وإن كانت الحرمة غليظة بالتطليقتين، تمسُّكًا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (١) الآية.

قلنا: وجب أن لا ينكشف تمسكًا بقوله، فإن طلّقها فلا تحلّ له من بعد، والطلقة الثانية في الإماء بمنزلة الثالثة في الحرائر، والمحرّم أولى بالاعتبار بيانه فيما روي عن عثمان -رضي الله عنه- أنّه سئل عمّن اشترى أختين فقال: أحلتهما آية وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (٢) الآية، وحرمتهما آية، وهي قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} (٣) إلا أنّ المحرّم أولى (٤).

وروي عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنّه كان يقول: "ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام" (٥)، كذا ذكره الإمام قاضي خان والإمام الكشاني والإمام ظهير الدين -رحمهم الله- (٦).

فشهدت على الولادة فهي أمّ ولده بالإجماع؛ لأن سبب ثبوت النّسب وقد وجد، وهو الدّعوة وإنّما الحاجة إلى إثبات الولادة وتعيين الولد وشهادة القابلة حجّة في ذلك، هذا إذا ولدت لأقلّ من ستة أشهر من وقت الإقرار.

فإن ولدت لستة أشهر فصاعدًا لا يلزمه، لاحتمال أنّها حبلت بعد مقالة المولى فلم يكن المولى مدّعياً هذا الولد.

بخلاف الأوّل؛ لأنّ ثمة تيقنًا بقيام الولد في البطن وقت القول متيقنًا بالدّعوى، كذا في «الجامع الصّغير» لقاضي خان -رحمه الله- (٧).

(فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَهُوَ ابْنُهُ يَرِثَانِهِ)، فإن قيل: ينبغي أن لا ترث المرأة، لما أنّ هذا النكاح ثابت بطريق الاقتضاء، فيثبت بقدر الضرورة وهي تصحيح النّسب دون استحقاق الإرث.


(١) سورة المؤمنون الآية (٥).
(٢) سورة المؤمنون الآية (٥).
(٣) سورة النساء الآية (٢٣).
(٤) أخرجه مالك في الموطأ، كتاب النكاح، باب ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين والمرأة وابنتها، (٣٤)، وعبدالرزاق في مصنفه، كتاب الطلاق، باب جمع بين ذوات الأرحام في ملك اليمين، (١٢٧٢٨، ١٢٧٣٢)
(٥) الأثر أخرجه عبدالرزاق في مصنفه، كتاب البيوع، باب طعام الأمراء (١٤٦٨٣)، عن عمر وليس ابن عمر بلفظ: "تركنا تسعة أعشار الحلال مخافة الربا".
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٠/ ١٧٢).
(٧) ينظر: درر الحكام شرح غرر الأحكام (١/ ٤٠٩).