للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن الدابة التي تخرج من الدبر، لا تخلو عن قليل بلة إلى آخره، فبالنظر إلى العلة الأولى يجب أن لا ينتقض الوضوء بالدابة التي تدخل الدبر ثم تخرج؛ لأنها لم تستحل [من] (١) العذرة، وكذا بالنظر إلى العلة الثانية أيضًا؛ لأنه قيّد [بالبلة] (٢) ويحتمل أن تخرج بغير بلة، والدليل عليه ما ذكر في «المحيط» (٣): أنه إذا أدخل العود في دبره، وطرفه بيده ثم أخرجه، يعتبر فيه البلة، إن لم يكن البلة فلا وضوء عليه.

(وَهَذَا لأنَّ النَّجَسَ مَا عَلَيْهَا وَذَلِكَ قَلِيلٌ وَهُوَ حَدَثٌ فِي السَّبِيلَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا)

- قوله: ([لأن] (٤) النجس ما عليها) فإن قيل: قد قال فيما تقدم: ثم ما لا يكون حدثًا لا يكون نجسًا، وهو الصحيح. ثم قال هنا بنجاسة ما عليها وهو ليس بحدث في غير السبيلين، فكيف يستقيم؟

قلنا: لعله [ذكر] (٥) بناءه على قول محمد: على ما حكيناه، كذا في «الفوائد الظهيرية» (٦).

وجاز أن يكون معناه: أن النجس لو كان لكان ما عليها من البلة والبلة بانفرادها حدث في السبيلين فكذا مع غيرها، بخلاف الدودة التي تخرج من الجرح؛ لأنها وإن كانت لا تخلو عن قليل بلة لكن قليل البلة بانفراده ليس بحدث في غير السبيلين.

ويعبر عن هذا بعبارة أخرى ويقال: إن البلة ها هنا خرجت راكبةً، ولو خرجت [راحلة] (٧) إن خرجت من الجرح لا ينتقض لما أنها لا تخرج بل تظهر، وإن خرجت من الدبر تنقض؛ لأن الظهور فيه كافٍ، كذا حكى الإمام شمس الأئمة السرخسي (٨) عن الخليل بن أحمد -رحمهم الله- (٩).


(١) في (ب): «عن».
(٢) في (ب): «بالعلة».
(٣) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (١/ ٦١).
(٤) في (ب): «فإن».
(٥) في (ب): «ذكره».
(٦) الفوائد الظهيرية -مخطوط-.
(٧) في (ب): «راجلة».
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ٨٣) باب الوضوء والغسل.
(٩) الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل السجزي، القاضي، قال الحاكم أبو عبد الله: شيخ أهل الرأي في عصره، مع تقدمه في الفقه والواعظ والتذكير، روى عن البغوي وابن خزيمة، ولد سنة ٢٩١ هـ، وتوفي في سمرقند (٣٧٨ هـ). انظر: الأنساب (٧/ ٤٥)، والجواهر المضيئة (٢/ ١٧٨) رقم (٥٦٩)، وتاج التراجم ص (٢٧) رقم (٧٢).