للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرفي الذخيرة (١): يَجِب أنْ تَعلَم بأنَّ الأنفالَ: الغنائمُ؛ قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: ١] أيْ: الغنائم. وأصله في اللغة: الزِّيادة؛ ثم سُمِّيتْ الغنيمة نفلًالأنَّها زيادة على محلَّلات هذه الأمَّة، لأنَّ الغنائم لم تَكُنْ حَلالًا للأُمَم الماضية، وَأُحِلَّت لهذه الأمَّة (٢)؛ أو لأنَّها زيادة على ما يحصل للغازي من المقصود الأصلي، وهو الثواب الباقي، إلا أنَّ المراد من استعمال لَفظ الأَنفال في عُرْف لسانِ الفقهاء: ما يُحرِّض الإمام بعض الغانمين بذلك (٣).

قوله: (عَنوَةً) (أي: قهرًا).

وقوله: "قهرًا" ليس بتفسير له لغةًلأنَّ"عَنا عُنُوّا" بمعنى ذَلَّ وخَضَع، وهو لازم، و"قَهَر" مُتَعَدٍّ، بل يكونهو تفسيره من طريق شُعور الذِّهن؛ لأنَّ من الذِّلَّة يلزم القَهْر، أو أنَّ الفتح بالذِّلة مستلْزِم للقَهْر (٤) كذا وجدتُبخطِّ شيخي -رحمه الله- (٥).


(١) هو ذخيرة الفتاوىالمشهورة: بـ (الذخيرة البرهانية)، للإمام، برهان الدين: محمود بن أحمد ابن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاريـ، المتوفى: سنة ٦١٦ هـ، اختصره من كتابه المشهور بـ (المحيط البرهاني) كلاهما مقبولان عند العلماء، وهو مخطوط، والمحيط مطبوع.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب قول النَّبي -صلى الله عليه وسلم- جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا، برقم (٤٣٨) ١/ ٩٥، صحيح مسلم (١/ ٣٧٠) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ"، ومسلم برقم (٥١٢) ١/ ٣٧٠.
(٣) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١١٤ - ١١٥).
(٤) ينظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٤٨)، العناية شرح الهداية (٥/ ٤٦٩).
(٥) يقصد بشيخه حافظ الدين البخاري المتوفى سنة (٦٩٣ هـ)، ذكر ذلك ابن تغري بردي في المنهل الصافي (٥/ ١٦٥)، حيث قال: وكلما ذكر السغناقي هذا في شرح الهداية من لفظة الشيخ فالمراد به حافظ الدين.