للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: وكما يجوز للغازي أنْ يأخذ من طعام الغَنيمة وعَلَفها بمقدار كفايتِه، يجوز له أنْ يأخذَ منها مقدار ما يكفي عَبيدَه الّذين دخلوا معه، ويقومون على دوابِّهم وحفظ رِحالهم، وكذلك يأخذون لنِسائهم وصبيانهم الّذين دخلوا معهم. ولو كان رجل دخل دار الحرب ليخدم بعض الجندي بأَجْر فلا يباح له أنْ يتناول شيئًا من الغنيمة، وكذلك من دخل دار الحرب للتِّجارة (١).

قوله: (وعَلَف ظَهْرِه) أي: دابّته، ولفظ الظَّهر مُستعار لها.

"الميرةالطعام" (٢).

وهذان في المغرب، فيُعتبر حقيقتها إلى حقيقة الحاجة في السلاح.

(والدابَّة مثل السِّلاح) أي: يُعتبر فيهما حقيقة الحاجة، لكن هذا إذا اعتبر في الدابة الركوب، وأمَّا إذا اعتبر فيها الأكل، فكانت هي كالطعام على ما يجيء في رواية السّير الكبير، والإيضاح، والمحيط.

(والطَّعام كالخُبز) وفي المحيط: وإنْ وجدوا غَنَمًا فلا بأس بأنْ يذبحوها ويأكلوها ويرُدُّ جلودها في الغنيمة، وذكر هذا الحكم في السّير الكبير في الجزور (٣)، وفي الإيضاح في البقر (٤).

فعُلِم بهذا أنَّ المراد مِن الطَّعام ما هو مُهَيأ للأكلوما هو غير مهيأ لهسواءٌ في إباحة التناول للغازي. وإنْ أصابوا سمسمًا أو زيتًا أو دُهن سمسم أو فاكهة يابسة أو رطبة أو سكّرًا أو بصلًا أو غير ذلك من الأشياء التي تُؤكل عادة للتّعيُّش؛ لا بأس بالتناول منها قبل القِسمة. ولا يجوز أنْ يتناول شيئًا من الأدوية/ والطيب (٥) ودُهن البنفسج (٦) أو دهن الخِيرِي (٧) (٨).


(١) ينظر شرح السير الكبير (ص: ١١٨٢).
(٢) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٥١).
(٣) ينظر شرح السير الكبير (ص: ١١٨٧)، الفتاوى الهندية (٢/ ٢٠٩).
(٤) ينظر بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ١٢٤)، البناية شرح الهداية (٧/ ١٤٧).
(٥) ينظر الفتاوى الهندية (٢/ ٢٠٩).
(٦) البَنَفْسَج: شجرة ذات قضبان تشبه العُلَّيْق، هو بارد في الدرجة الأولى؛ رطب في الثانية، يسهّل المرة الصفراء، وينفع من التهابها نفعًا عظيمًا، ودهنه وماؤه ينفعان من الصداع الحارّ. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (١/ ٦٣٨).
(٧) الخِيْرِيّ: شجر معروف، وهو المنثور معرب وهو الخزامى، وطبعه حار يابس في الدرجة الثانية، وهو صنفان وأفضله ما كان زهره أصفر، فأمّا الأبيض فضعيف لكثرة مائه. شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (١/ ٦٣٨).
(٨) في (ب) "الحيربي".