للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحترز بقوله: (والوكالة المفرَدة) عَن الوكالة الثّابتة في ضمن عقد الشّركة وفي ضمن عقد الرهن، فإنَّ الوكالة فيهما يبطل ببطلان ما تضمُّنها مِن الشّركة والرّهن؛ لأنَّ المتضمَّن يبطل (١) ببطلان المتضمِّن تبعًا، وإنَّما يبطل (٢) المتضمن، وهو الشركة ههنا، بهلاك المال قَبل الشّراء به؛ لأنَّ المال هو المعقود عليه، فيبطل العقد بهلاك المعقود عليه إذا كان قبل التّمام، كما إذا هلك المبيع في يد البائع؛ بخلاف الوكالة المفردة، فإنَّ الدّراهم لا تتعيَّن فيها، فلا تبطل الوكالة بهلاك الدّراهم حتّى لو وكَّل رجلًا بشراء العبد ودفعه دراهم، فهَلَكت الدّراهم لا تبطل الوكالة لما قلنا.

(لأنَّه ما رضي بشركة صاحبه) أي: الشَّريك الّذي لم يهلك ماله ما رضي بشركة صاحبه الّذي هلك ماله إلّا على تقدير بقاء ماله ليشركه في ماله كما يشرك هو في مال هذا.

(فالمشتري بينهما) وإنْ لم يصرِّحا بالوكالة في العَقد؛ لأنَّه حين وَقَع، وَقَع مشتركًا بينهما (٣)؛ كذا في الإيضاح.

" (ثم الشّركة شركة عقدعند محمّد) حتّى إذا باعه أحدهما نفّذ بيعه في الكلِّ. وعند الحسن هِي شركة ملك حتّى لا ينفذ بيع أحدِهما إلا في حصّته؛ لأنَّ شركة العقد قد بطَلت بهلاك الدّنانير، كما لو هلكت قبل الشّراء بالدّراهم، وإنّما بقي ما هو حكم الشّراء -وهو الملك- فكانت شركتهما في المتاع شركةَملك.

وجه قول محمد أنَّ هلاك الدّنانير كان بعد حصول ما هو المقصود بالدّراهم -وهو الشّراء بها-؛ فلا يكون مبطلًا شركة العقد بينهما في ذلك كما لوكان الهلاك بعد الشّراء بالمالين جميعًا" (٤) كذا في المبسوط.

ووضع المسألة في أنَّ الدّنانير (٥) مِن أحد الجانبين والدّراهم (٦) من الجانب الآخر.

(وقد بيَّنَّاه) وهو قوله: (معناه إذا أدَّى من مال نفسه … ) إلى آخره.

و (٧) إن صرَّحا بالوكالة في عقد الشّركة.

وذكر في المبسوط: "ذكر في بعض المواضع: المشتري بالمال الباقي بعد ذلك يكون لصاحبِه خاصة، وذكر في بعض المواضع: إذا اشترى الآخر بماله بعد ذلك يكون المشترى بينهما نِصفين. وإنّما اختلف الجواب لاختلاف الموضوع، فحيث قال: يكون الثّاني مشتريًا لنفسه خاصّة وضع المسألة فيما إذا أطلقا الشّركة فيكون المشترى بمال أحدِهما مشتركًا بينهما عند الإطلاق مِن قضية عقد الشّركة، وقد بطلت بهلاك مال أحدهما، فيكون الآخر مشتريًا لنفسه. وحيث قال المشتري بمال آخر بينهما وضع (٨) المسألة فيما إذا صرَّحا عند عقد الشركة على أنَّ ما اشتراه كلُّ واحد منهما بماله هذا يكون مشتركًا بينهما، وعند هذا التصريح الشركة في المشترى [مِن قضية الوكالة لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما قَد وكَّل صاحبه بالشّراء بماله نصًّا على أنْ يكون نصف المشترى له. والشركة وإن بطلت بهلاك أحد المالين فالوكالة باقية، فلهذا كان المشترى] (٩) بينهما نصفين (١٠)، ويرجع المشتري على صاحبه بنصف الثَّمن؛ لأنَّه اشترى له النِّصف بحكم الوكالة، ونقد الثّمن مِن مال نفسه فيرجع به عليه" (١١).


(١) في (ب) "تبطل".
(٢) في (أ) "تبطل".
(٣) ينظر تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٣١٩).
(٤) المبسوط للسرخسي (١١/ ١٦٤).
(٥) في (ب) "الدراهم".
(٦) في (ب) "والدنانير".
(٧) ساقط من (ب).
(٨) في (ب) "ووضع".
(٩) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(١٠) ساقط من (ب).
(١١) المبسوط للسرخسي (١١/ ١٦٣ - ١٦٤).