للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(إلحاقًا لها بالمصحف) أي: إلحاقًا للكُتب بالمصحف، والمصحف جائز فيه الوقف، فكذا يجوز في الكتب. وفي فتاوى قاضي خان: "اختلف المشايخ في وقف الكتب، جوَّزه الفقيه أبو الليث وعليه الفتوى" (١).

(وقال الشَّافعي -رحمه الله-: كلُّ ما يمكِن الانتفاع به مع بقاء أصله (٢) هذا احتراز عن الدَّراهم، والدَّنانير، فإنَّ الانتفاع الذي خُلِقت الدَّراهموالدَّنانير لأجله هو الثّمنية، لا يمكن الانتفاع (٣) بهما مع بقاء أصله في ملكه.

وقوله: (ويجوز بيعه) معطوف على قوله: (يمكن الانتفاع) أي: كلُّ ما كان متَّصفًا بهذين الوصفين، وهما إمكان الانتفاع به، وجَواز البيع إيّاهيجوز وقفه، فكان قوله: (ويجوز بيعه) احترازًا عمَّا لا يجوز بيعه كحمْل الجارية ونتاج النّاقة، فإنّه لا يجوز بيعه فلا يجوز وقفه.

(ولا معارض من حيث السّمعولا من حيث التّعامل فبقي على أصل القياس) شرح هذا أنّ الوقف في المنقولات كلِّها ينبغي أنْ لا يجوز، وهو القياس لما أنَّ مِن شرط صحّة الوقف التّأبيد، والتّأبيد في المنقولات كلِّها لا يتحقّق، فكان دليل عدم الجواز شاملًا في الكلِّ إلّا أنَّ السّمع ورد في الكُراع، والسِّلاح، والتّعامل ورَدَ (٤) في الفأس والمدّ والقدوم على ما ذكر، فكانت الكُراع، والسِّلاح بسبب السّمع، والفأس، والمدّ، والقدوم بسبب التّعامل مخصوصة (٥) عن ذلك الدّليل الّذي يقتضي عدم الجواز في المنقولات كلِّها فبقي ما وراء الكُراع والسّلاح والفأس والمدّ والقدوم مِن المنقولات، كالعبيد والإماء مِن غير أنْ يكون تَبَعًا لشيء، والثِّياب والبسط وغيرها مِن المنقولات الّتي لم يرد السَّمع في حقِّها، ولم يَجُر التّعامل فيما بَين النّاس بالوقف بها على أصْل القياس مِن عدم الجواز فكان قوله: (ولا معارِض من حيث السّمع) احترازًا عن الكُراع والسِّلاح، وقوله: (ولامن حيث التَّعامل) احترازًا عن المدّ والفأس والقدوم.

(فبقي على أصل القياس) أي: فبقي وقف المنقول الذي تنازعنا فيه كالثِّياب والبسط وغيرهما مِن المنقولات الّتي لم يرِد السّمع ولم يجرِ التعامل على أصل القياس من عدم الجواز.


(١) فتاوى قاضي خان (٣/ ١٧٧).
(٢) مذهب الشافعية: أنه يجوز وقف كل عين معينة مملوكة، تحصل منها فائدة أو منفعة مقصودة دائمة مع بقاء أصلها. الحاوي الكبير (٧/ ٥١٩)، المجموع شرح المهذب (١٥/ ٣٢٦).
(٣) ساقط من (ب).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) في (أ) "مخصومة".