للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(ولو كان في القِسمة فضل دراهم) اعلم أنّ إدخال الدّراهم في القسمة لا يجوز إلا بتراضيهم أو وقعت الضّرورة إلى إدخالها بأنْ وقع البناء في أحد النّصيبَين أو كان أحد النّصيبين أجود، فحينئذ يجوز أنْ يعطي الدّراهم مَن وقع البناء في نصيبه أو وقع نصيبُه أجودَ لمن لم يقع البناء في نصيبه فيما روي عن أبي حنيفة، على ما يجيء في "كتاب القسمة"، إنْ شاء الله تعالى.

وقوله: (إنْ أعطى الواقف) هذا على إعرابين: بلفظ أعطى، على بناء الفاعل ونصْب الواقف، أو بلفظ أُعطي على بناء المفعول ورفع الواقف. ومعنى هذا الكلام: إنْ أعطى المشتري فضل الدّراهم الواقفَ لا يجوزلأن المشتري يأخذ بمقابلة الدّراهم شيئًا من الوقف، فيصير الواقف بائعًا للوقف في ذلك القدر، فلا يجوز.

(وأمّا إذا أعطى الواقف فضل الدّراهم المشتريَ جاز لأنّ الواقف حينئذ يصير مشتريًا شيئًا بمقابلة الدّراهم) وواقفًا لذلك الشّيء الذي اشتراه فيجوز. (ولأنّالخراج بالضّمان) (١)، وهذا في الأصل لفظ الحديث وهو من جوامع الكلم، وفي معناه الغُرم بإزاء الغُنم، [من تولّى جارها تولّى نارها، فلاستجراره] (٢) معاني جمة جرى لفظ الحديث مجرى المثَل، واستعمِل في كلِّ مضرّة بمقابلة منفعة، ثم المراد مِن الخراج ما يخرج النفع من ملك إنسان كغَلَّة الأرض والغلام، والمراد من الضّمان المؤنة: أي كلُّ مَن كان له منفعة شيء كان عليه مضرّته، فكان معنى قوله: (الخراج بالضمان) أي: منفعة الغَلَّة لك بسبب أنْ ضمِنته.

وقيل: معناه أن يشتري العبد فيستغلَّه، ثم يجد به عَيبًا، فإنّه يردُّه والغَلَّة لهلأنَّه لو مات كان في ضمانِه؛ ولأجل هذا الخبَر نقض عمر بن عبد العزيز قضاءَه حين قضى بالغَلَّة للبائع.

(ثم إنْ كان الوقف على الفقراء لا يظفر بهم) أي: لا يُؤخذ الفقراء بعمارته لعدم تعنُّتهم وعسرتهم.

(وإنّما يستحقّ (٣) العمارة عليه (٤) بقَدْر ما يبقى الموقوف على الصّفة التي وقفه) ولا يستحقُّ زيادةَ العمارة على تلك الصّفة الّتي هي كانت في ابتداء الوقف. (فأمّا الزِّيادة على ذلك فليست بمستحقَّة) أي: زيادة العِمارة ليست بمستحقَّة عليه.


(١) أخرجه الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا.
قال ابن حجر: وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا يَصِحُّ. التلخيص الحبير (٣/ ٥٤).
(٢) في (ب) "من تولى حارها تولى قارها فاستجراره".
(٣) في (ب) "تستحق".
(٤) ساقط من (ب).