للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويجوز بإناء بعينه لا يعرف مقداره (١)

قيل: هذا محمول على ما إذا كان الإناء من خزف، أو حديد، أو خشب، أو ما أشبه ذلك، مما لا يحتمل الزيادة والنقصان، وأما إذا كان سبباً يحتمل الزيادة/ والنقصان كالزنبيل

والجوالق (٢)، الغرائر (٣)، لا يجوز، كذا في المغني (٤). قوله:

(لأن الجهالة لا تفضي إلى المنازعة) (٥)

فإن قيل: يشكل على هذا ما إذا باع أحد العبيد الأربعة على أن المشتري فيه (٦) بالخيار ثلاثة أيام يأخذ أيهم شاء ويرد الباقين، أو اشترى شيئاً (٧) بأي ثمن شاء، فإن البيع باطل، وإن لم تكن هذه الجهالة مفضية إلى المنازعة.

قلنا: لأن ثمّة لا يجوز العقد لا لأجل الجهالة، بل لعدم المعقود عليه؛ لأن العقد لم ينعقد في أحدهم عيناً، وفي غير العين لا يفيد انعقاد العقد، فلم ينعقد لأجل (٨) هذا المعنى، لا لأجل الجهالة، وكذا إذا باع بأي ثمن شاء المشتري فالثمن معدوم؛ لأنه لا يمكن أن يجعل قدراً من الثمن ثمناً في الحال.

وأما ههنا لو امتنع جواز العقد إنما يمتنع لأجل الجهالة؛ لأن المعقود عليه موجود، وكذا في مبسوط (٩) أبي اليسر (١٠) رحمه الله، وذكر في المبسوط "وإن اشترى بذلك الإناء يداً بيد فلا بأس به؛ لأن في المعين يجوز البيع مجارفة، فبمكيال غير معروف أولى؛ وهذا لأن التسليم عقيب العقد والقدرة على التسليم في الحال ثابتة بقيام المكيال الذي عينه، وعن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه (لا) (١١) يجوز في البيع أيضاً؛ لأن البيع في المكيلات والموزونات إما أن يكون مجازفة أو بذكر القدر، ففي المجازفة المعقود عليه ما يشار إليه، وعند ذكر القدر المعقود عليه ما سمي من القدر، ولم يوجد منهما ههنا فإنه ليس بمجازفة، ولا يشترط فيه الكيل إذا لم (يكن) (١٢) المكيال معلوماً، وعن أبي يوسف - رحمه الله - من بيع العين أن عين مكيالاً ينكبس بالكبس (١٣).


(١) قال في الهداية: "قال: ويجوز بإناء بعينه لا يعرف مقداره، وبوزن حجر بعينه لا يعرف مقداره" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤١).
(٢) الجوالق: وعاء، والجمع الجوالق -بالفتح- والجواليق أيضاً. الصحاح تاج (٤/ ١٤٥٤).
(٣) الغَرائر: جمعُ الغِرارة، وهي وعاء من صوف أو شعر، والغرارة: واحدة الغرائر التي للتِبن، وهي التي تكون فيها الأمتعة وغيرها. الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٢/ ٧٦٩)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٣/ ٢٨٥)، التعريفات الفقهية (ص: ١٥٧).
(٤) المغني في أصول الفقه، لعمر بن محمد بن عمر، الإمام جلال الدين الخبازي. قال الذهبي: المفتي الزاهد الحنفي، وله الحواشي المشهورة على الهداية. مات فى آخر سنة إحدى وتسعين وست مائة. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣٩٨). مطبوع ضمن مطبوعات الرسائل الجامعة لأم القرى.
(٥) قال في الهداية: "قال: يجوز بإناء بعينه لا يعرف مقداره وبوزن حجر بعينه لا يعرف مقداره" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤١).
(٦) سقط من (ب).
(٧) سقط من (ب).
(٨) سقط من (ب).
(٩) المبسوط في الفروع، لمحمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوى، صدر الإسلام، أبو اليسر الحنفي، المتوفى سنة ٤٩٣، ثلاث وتسعين وأربعمائة. هدية العارفين (٢/ ٧٧).
(١٠) أبو اليسر هو: محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن مجاهد البزدوي، تقدم، أخو الإمام علي البزدوي، برع في العلوم فروعاً وأصولاً، ملأ بتصانيفه بطون الأوراق. توفي ببخارى سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة من شراح الجامع الصغير والكبير لمحمد بن الحسن. الجواهر المضية (٢/ ٢٧٠)، الفوائد البهية (٣٠٩).
(١١) في (ب).
(١٢) في (ب).
(١٣) كبس يكبس كبساً، كبست النهر والبئر كبساً: طممتها بالتراب. واسم ذلك التراب كبس بالكسر. الصحاح (٣/ ٩٦٩)، تهذيب اللغة (١٠/ ٤٨).