للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن ما زاد على الموجود إنما يجب على البائع تسليمه بصفقة على حدة؛ لأن الصفقة الأولى وقعت على هذا الموجود، ولم يكن الزائد داخلاً فيها، وقد ذكرنا أن تكرر (١) البيع أو الشراء يوجب تفريق الصفقة، وكل واحد من المتعاقدين مخير في الصفقة المستأنفة، إن شاء باشر الصفقة، وإن شاء لم يباشر، فقال: والقدر ليس بوصف (٢)، بل هو أصل، واعلم أن المشائخ ذكروا في الفرق بين الوصف والأصل حدوداً.

قيل: إنَّ ما يتعيب بالتبعيض والتشقيص فالزيادة والنقصان [فيه وصف، وما لا يتعيب] (٣) بالتبعيض والتشقيص (٤) فالزيادة والنقصان (٥) فيه أصل.

وقيل: الوصف ما لوجوده تأثير في تقوّم غيره، ولعدمه تأثير في نقصان غيره، والأصل ما لا يكون بهذه المثابة.

وقيل: إن ما لا ينقص الباقي بفواته فهو أصل، وما ينقص الباقي بفواته فهو وصف، وهذا القول بالقول الثاني يتقاربان، فبهذا يعلم أن القدر في المكيلات والموزونات أصل، والذرع من المذروعات وصف؛ لأن المكيلات (٦) لا تتعيب بالتبعيض، والمذروع يتعيب، وكذلك أن العشرة الأقفزة إذا انتفص منها قفيز يشتري التسعة بالثمن الذي كان يخصها مع القفيز الواحد، فيما إذا قال: اشتريت هذه الصبرة بعشرة دراهم على أنها عشرة أقفزة.

وأما الذرع الواحد من الثوب أو الدار إذا انتقص فإن الباقي لا يشترى بالثمن الذي كان يشتري معه، فإن العتابى (٧) مثلاً إذا كان خمسة عشر ذراعاً فالخمسة الزائدة على العشرة يزيد في قيمة الخمسة وفي قيمة العشرة أيضاً.


(١) "تكرار" في (ب).
(٢) قال في الهداية: "قال: وإن وجدها أكثر فالزيادة للبائع؛ لأن البيع وقع على مقدار معين، والقدر ليس بوصف" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٤٢).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ب)، وهي مثبتة في هامشه.
(٤) الكلمتان سقط من (ب)، والشقص: طائفة من الشيء، تقول: أعطاه شقصاً من ماله، والشقص -بكسر الشين- قال أهل اللغة: هو القطعة من الأرض، والطائفة من الشيء، والشقيص الشريك، يقال: هو شقيصي أي: شريكي. تهذيب اللغة (٨/ ٢٤٥)، المصباح المنير (١/ ٣١٩)، تحرير ألفاظ التنبيه (ص: ٢١٣).
(٥) سقط من (ب) وهي في هامشه.
(٦) "المكيل" في (ب).
(٧) العتابي: نوع من أنواع الثياب، أشار إلى اسمه صريحاً في العناية فقال "الثوب العتابي"، وذكر شيخ الإسلام في شرح «السير» في باب الثوب: إذا كان لحمته من قطن أو كتان، وسداه من إبريسم، فإن كان الإبريسم يرى كره للرجال لبسه، وإن كان لا يرى لا يكره لهم لبسه، فعلى هذا يكره للرجال لبس العتابي، وإليه أشار محمد رحمه الله- في هذا الباب أيضاً؛ هذا هو الكلام في غير الحرب. المحيط البرهاني (٥/ ٣٤١)، العناية (٦/ ٢٧٣).