للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومانع يمنع لزوم الحكم، كصيرورة لمجروح صاحب فراش متطاولاً حتى أمن الموت في (١) تلك الجراحة بمنْزلة صاحب الفالج، وفي الحكميات خيار العيب فإنه يمنع لزوم الحكم حتى يتمكن من رده بعد تمام الصفقة بالقبض.

ثم قولنا: خيار الشرط من قبيل إضافة الحكم إلى سببه على ما هو الأصل، فكذا خيار الرؤية وخيار العيب، وكان من حق الشرط أن لا يدخل في البيع؛ لما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى من بيع وشرط (٢)، ولأن في الشرط معنى (٣) الغرر، وفيه معنى القمار (٤)، فلا يليق ذلك في الإثباتات، وإنما يليق في الإسقاطات ليحصل به التعليق، ولكن لما وردت السنّة بثبوت خيار الشرط في البيع بحديث حبان بن منقذ (٥) -رضي الله عنه- (٦) لم يكن بد من العمل به، فأظهرنا (٧) عمله في حق منع الحكم، لا في منع السبب تقليلاً لعمله بقدر الإمكان، بخلاف ما إذا دخل الشرط في الإسقاطات، حيث أظهرنا عمله في السبب بالإعدام (٨) تكميلاً لمحل عمله؛ لأنه لما كان السبب معدوماً بالشرط كان الحكم معدوماً أيضاً؛ لأن الحكم مبني عليه.


(١) "من" في (ج) ".
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ: "حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- «نهى عن بيع وشرط، البيع باطل، والشرط باطل» باب العين، من اسمه عبدالله، رقم (٤٣٦١) و (٤/ ٣٣٥)، وفي مسند أبي حنيفة من رواية أبي نعيم، باب العين، روايته عن عمرو بن شعيب (١/ ١٦٠) قال في البدر المنير: "قلت: وفي الباب حديث قريب منه، وهو ما رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، في سننهم، وابن حبان في «صحيحه» (و) الحاكم في «مستدركه» من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» هذا لفظهم خلا ابن حبان، فإن لفظه: «أنه عليه السلام كتب إلى أهل مكة: لا يجوز شرطان في بيع، ولا بيع وسلف جميعاً، ولا ربح ما لم يضمن» قال الترمذي: حديث حسن. البدر المنير (٦/ ٤٩٩).
(٣) سقطتا من (ج).
(٤) القمار: المقامرة وتقامروا: لعبوا القمار، وقامره فقمره، من باب ضَرَبَ: غلبه في لعب القمار، وقامره فقمره من باب نصر فَاخَرَه في القمار فغلبه، والقمار: مصدر قامر، هو كل لعب يشترط فيه غالباً أن يأخذ الغالبُ شيئاً من المغلوب، وأصله أن يأخذ الواحدُ من صاحبه شيئاً فشيئاً في اللعب، ثم عَرَّفوه بأنه تعليقُ الملك على الخطر والمال في الجانبين. مختار الصحاح (ص: ٢٦٠)، التعريفات الفقهية (ص: ١٧٧).
(٥) حبان -بفتح الحاء المهملة وبالباء المعجمة بواحدة- فهو حبان بن منقذ بن عمرو بن مالك الأنصاري، له صحبة، شهد أحداً، وتوفى حبان فى خلافة عثمان. الإكمال (٢/ ٣٠٣)، معرفة الصحابة لأبي نعيم (٢/ ٨٨٤)، تهذيب الأسماء واللغات (١/ ١٥٢).
(٦) أخرج الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال: كان حبان بن منقذ رجلاً ضعيفاً، وكان قد سفع في رأسه مأمومة، فجعل له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخيار فيما اشترى ثلاثاً، وكان قد ثقل لسانه، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بع وقل: لا خلابة» فكنت أسمعه يقول: لا خذابة، لا خذابة، وكان يشتري الشيء ويجيء به أهله، فيقولون: هذا غال فيقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد خيرني في بيعي. قلت: وسيأتي تخريجه.
(٧) "فظهر" في (ج).
(٨) "الانعدام" في (ب).