للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «مبسوط شيخ الإسلام» في تعليل هذه المسألة «أن لهذا عينًا لو انفصل منه حالة الحياة حكم بطهارته، وإذا انفصل منه بعد الموت كذلك حكم لطهارته قياسًا على البيض والولد» (١) ويتبين بالانفصال حالة الحياة حتى لم تصر ميتة أنه لا روح في هذه الأشياء؛ إذ لو كان فيه روح لكان إذا أبين من الأصل حال حياة الأصل [لصار] (٢) ميتة كاللحم ولم يصر ميتة علمنا أنه لا روح في هذه الأشياء.

والجواب عن تعلقهم بقوله تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} [البقرة: ١٧٣] هو ما قال شيخي (٣) -رحِمَهُ الله-: الميتة اسم لما فارقه الروح من غير ذكاة مما لم يذبح ولم يكن لهذه الأشياء روح حتى يزايلها فلا يدخل تحت التحريم.

وقال أيضًا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٤): وأما قوله: جزء متصل بذي روح ينمو بنمائه.

[قلنا: لا نسلم أنه ينمو بنمائه] (٥) ألا يرى أنه ينمو مع نقصان الأصل فإن الأصل إذا مرض وأخذ في النقصان فإن الشعر يزداد وينمو فلم يستقم ذلك القول، ثم ذلك أيضًا لا يدل على أن فيه/ ١٣/ ب/ حياة كالنبات والشجر، ولأن فيه ضرورة وبلوى فإنه متى حلق الرأس أو مشط اللحية لا بد من أن يتناثر بعض شعوره فيلتزق به فلو منع ذلك جواز الصلاة لضاق الأمر على الناس (٦).

والدليل على أن فيه ضرورة ما حكي أن ضيفًا نزل على الشافعي -رحِمَهُ الله- فدفع فضته ليشتري له الباقلي الرطب فاشترى ثم حلق رأسه ثم قام فصلى فقال له الضيف: أليس [أن] (٧) هذا على [مذهبك] (٨) لا يجوز؟ فقال: نعم، لكن إذا اضطررنا في شيء انحططنا إلى قول أهل العراق فثبت أن فيه ضرورة


(١) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، انظر: المحيط (١/ ٤٧٥).
(٢) في (ب): «لكان».
(٣) لعله يقصد شيخه: محمد بن محمد بن نصر البخاري (ت ٦٤٢ هـ).
(٤) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، انظر: المحيط (١/ ٤٧٥).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في مذهب الحنفية. انظر: شرح فتح القدير (١/ ٩٧)، البناية في شرح الهداية (١/ ٨٣٨)، ومذهب الشافعية: أن عظم الآدمي نجس، وفي شعر الآدمي قولان، أو وجهان بناءً على نجاسته بالموت، والأصح: أنه لا يبخس شعره بالموت، لا بالإبانة. انظر: الحاوي الكبير (١/ ٦٦)، روضة الطالبين (١/ ٤٣)، المجموع (١/ ٢٨٥).
(٧) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): «قولك».