للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدليل على صحة التفسير الثاني ما ذكره الإمام قاضي خان - رحمه/ الله - هذه المسألة بقوله: ومنها أنه إذا اشترى جارية قد ولدت منه بنكاح على أنه (١) بالخيار ثلاثة أيام عند أبي حنيفة - رحمه الله - لا تصير أم ولد له، ولا يبطل خياره، وعندهما تصير أم ولده، ويبطل خياره (٢)، فعلى هذا التأويل كان قوله: في المدة طرفاً لقوله: لا تصير أم ولد له (٣) ظرف الولادة، أي: لا تصير أم ولد له في المدة عند أبي حنيفة، وعندهما تصير أم ولد له؛ لاتصال ولادة أمته منه (٤) بالملك، فكانت أم ولد له، ويبطل الخيار، "وإنما احتجنا إلى أحد هذين التأويلين (٥) لأنا لو أجرينا على ظاهر اللفظ، وقلنا: إنه إذا اشترى منكوحة بشرط (٦) الخيار وقبضها، ثم ولدت هي في مدة الخيار، يلزم البيع بالاتفاق، ويبطل خيار الشرط؛ لأن الولادة عيب، فلا يمكن ردها بعد ما تعيبت الجارية في يد المشتري بشرط الخيار" (٧)، والدليل على هذا ما ذكره في المبسوط (٨) بقوله: "وإن اشترى جارية على أنه بالخيار وثلاثة أيام فولدت عنده فقد انقطع خياره؛ لأنها تعيبت بالولادة".

(فهلك في يده) (٩)

أي: في يد البائع في المدة أو بعدها هلك على البائع، ويبطل البيع في قول أبي حنيفة -رحمه الله-؛ لأنه لما لم يملك المشتري (١٠) ارتفع قبضه بالرد على البائع، فهلك المبيع قبل القبض، وهلاك المبيع قبل القبض يبطل البيع، وعندهما لما ملكه المشتري صار مودعاً ملك نفسه، فصار هلاكه في [يد المودع كهلاكه في] (١١) يده؛ إذ يد المودَع كَيَدِهِ.

ولو كان الخيار للبائع [فسلمه إلى المشتري، ثم إن المشتري أودعه البائع] (١٢) في مدة الخيار، ثم هلك في يد البائع قبل جواز البيع أو بعده بطل البيع في قولهم جميعاً.


(١) سقط من (ب).
(٢) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ٢٦٥).
(٣) " لا" زيادة في (ب).
(٤) "أمته" في (ب).
(٥) "التأويلين" في (ب).
(٦) "بترك" في (ج).
(٧) فتح القدير (٦/ ٢٨٨).
(٨) المبسوط (ج ١٣/ ص ٦٣).
(٩) قال في الهداية: "ومنها: إذا قبض المشتري المبيع بإذن البائع، ثم أودعه عند البائع، فهلك في يده في المدة، هلك مال البائع؛ لارتفاع القبض بالرد؛ لعدم الملك عنده وعندهما من مال المشتري؛ لصحة الإيداع باعتبار قيام الملك". الهداية شرح بداية المبتدئ (٣/ ٩٥٣).
(١٠) "عنده" زيادة في (ب).
(١١) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).
(١٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ب).