للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعند الشافعي (١) -رحِمَهُ الله- يستخرج الفأرة ويبقى الماء طاهرً لما أن المذهب عنده أن الماء إذا بلغ قلتين لا يحتمل خبثًا، وماء البئر أكثر من قلتين فلا يتنجس لهذا.

وبعض الجهال من أصحاب الشافعي يطعنون في هذا فيقولون: ما أكيس (٢) دلو أبي حنيفة -رحِمَهُ الله- حيث ميز الماء النجس من الطاهر.

قال شمس الأئمة -رحِمَهُ الله-: هذا في الحقيقة طعنٌ في السلف لما أن طهارة البئر بنزح بعض [الدلاء] (٣) قول السلف من الصحابة والتابعين [فيقال] (٤) لهم: ما أكيس قرعة [الشافعي] (٥) حيث [ميزت] (٦) الحرَّ من الرقيق، وكذلك قال الشافعي في البينات إذا تعارضت يميز المحق من المبطل بالقرعة، وقرعته تلك أكيس من دلونا. كذا في «الظهيرية» (٧).

-قوله -رحِمَهُ الله-: (نزحت) أي البئر، أي ماءها بحذف المضاف لعدم الإلباس لما أن عين البئر لا يمكن نزحها، وبنزح النجاسة لا يتم [جواب] (٨) المسألة فتعين ما قلنا، والتأنيث باعتبار الإسناد الظاهري، ولأن قوله: وكان نزح ما فيها من الماء دليل على ما قلنا فكان هذا من قبيل إطلاق اسم المحل على الحال لقولهم: جرى النهر (٩).


(١) انظر: المجموع شرح المهذب (١/ ١٧٦).
(٢) أكيس: أي: أعقل النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٤/ ٢١٧)، غريب الحديث لابن الجوزي (٢/ ٣٠٧).
(٣) في (ب): «الدلو».
(٤) في (ب): «فقال».
(٥) في (ب): «الشفعي».
(٦) في (ب): «ميز».
(٧) جاء في هامش (ب)، مطلب في دفع طعن بعض الشافعية لأبي حنيفة في الدلو وفي عكس القضية. انظر: الظهيرية وهو مخطوط.
(٨) ساقط من (ب).
(٩) جاء في هامش (ب) قوله: «فكان من قبيل» أقول إن الفاضل سعدي جلبي رده بأنه إذا كان الكلام على حذف المضاف لم يكن من إطلاق اسم المحل على الحال وقال أبو عبد الله ولي الدين السيد المحقق: لا حاجة إلى كلا المجازيين بل الكلام حقيقة.