للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام قاضي خان - رحمه الله - في الجامع الصغير: وضع محمد - رحمه الله- المسألة هنا فيما إذا بين مدة الخيار فقال: يأخذ أيهما شاء بعشرة دراهم، وهو بالخيار ثلاثة أيام، وهكذا ذكر في المأذون، ووضع المسألة في الجامع وغيره، على أن يأخذ أيهما

شاء بكذا، ولم يذكر الزيادة (١).

واختلف المشايخ فيه، فقال بعضهم: يصح العقد وإن لم يذكر الزيادة؛ لأن خيار التعيين مما لا يتوقف (٢)، فلا يتعلق به جواز العقد بتلك الزيادة، وذكر هذه الزيادة في الكتاب وقع اتفاقاً. وقال أكثر المشائخ: لا يصح العقد ما لم يشترط الخيار لنفسه وقتاً معلوماً ثلاثة أيام فما دونها في قول أبي حنيفة (٣) - رحمة الله عليه -، وزيادة على ذلك في قول أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله -؛ لأن القياس يأبى جواز هذا العقد بجهالة المبيع وجهالة وقت لزوم العقد، وإنما جاز استحساناً بطريق الإلحاق بموضع السنة، وهو شرط الخيار، فلا يصح بدونه، فإن شرط ذلك ثبت له خيار الشرط مع خيار التعين، فإن ردهما بخيار الشرط في الأيام الثلاثة، أو رد أحدهما بخيار التعين كان له ذلك، وإذا مضت الأيام الثلاثة يبطل خيار الشرط، فلا يملك ردهما، ويبقى له خيار التعين فيرد أحدهما.

وإن مات المشتري في الأيام الثلاثة يبطل خيار الشرط ويبقى للوارث خيار التعيين، فلا يردها الوارث، وله أن يرد أحدهما (٤).

وذكر في الذخيرة (٥): "هذا إذا حصل البيع بشرط خيار/ التعيين [للمشتري، فإن حصل البيع بشرط خيار التعيين] (٦) للبائع بأن قال البائع: بعتك أحد هذين الثوبين على أني بالخيار أعين (٧) (٨) في أحدهما دون الآخر، لم يذكر محمد - رحمه الله - هذه المسألة لا في بيوع الأصل ولا في الجامع الصغير، "وذكر الكرخي في مختصره (٩): أنه يجوز استحساناً، قالوا: وإليه أشار في المأذون؛ لأن هذا بيع يجوز مع خيار المشتري، فيجوز مع خيار البائع قياساً على خيار الشرط، وذكر في المجرد (١٠) أنه لا يجوز؛ لأن هذا البيع (١١) مع خيار المشتري إنما جوز بخلاف القياس باعتبار الحاجة إلى اختيار ما هو الأرفق بحضرة من يقع الشراء له، وهذا المعنى لا يتأتى في جانب البائع؛ لأنه لا حاجة إلى اختيار الأرفق؛ لأن المبيع كان معه قبل البيع فيرد جانب البائع إلى ما يقتضيه القياس".


(١) المحيط البرهاني (٦/ ٥١٤)، تبيين الحقائق (٤/ ٢١).
(٢) "على خيار الشرط" في هامش (ب).
(٣) ينظر: بدائع الصنائع (٥/ ١٧٨).
(٤) العناية شرح الهداية (٦/ ٣٢٩)، تبيين الحقائق (٤/ ٢١)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين «٤/ ٥٨٦).
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٦/ ٥١٤).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٧) "أعني" في (ب).
(٨) "البيع" في (ب) و (ج)، وهي في هامش (أ).
(٩) مختصر الكرخي، في فروع الحنفية للإمام أبي الحسين: عبد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم الكرخي. المتوفى: سنة ٣٤٠ هـ، أربعين وثلاثمائة. وشرحه الإمام أبو الحسين: أحمد بن محمد القدوري، والإمام أبو بكر، أحمد ابن علي، المعروف: بالجصاص، الحنفي. ولا يزال مخطوطا. كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (٢/ ١٦٣٤).
(١٠) كتاب المجرد للحسن بن زياد اللؤلؤي، وهي من كتب مسائل النوادر، التي تروى عن أصحاب المذهب، قال في كشف الظنون: "اعلم أن مسائل أصحابنا الحنفية، على ثلاث طبقات: الأولى: مسائل الأصول، وتسمى: ظاهر الرواية. والثانية: مسائل النوادر، وهي: مسائل مروية عن أصحاب المذهب المذكورين. والثالثة: مسائل الفتاوى والواقعات" الفهرست (ص: ٢٥٤)، كشف الظنون (٢/ ١٢٨٢)، هدية العارفين (١/ ٢٦٦).
(١١) "بيع" في (ب).