للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية: هي أن يكون المبيع وإن كان موجوداً لكنه متصل بغير المبيع اتصال خلقة وكان تابعاً له، فكان العجز عن التسليم هناك [معنى أصلياً، لا أنه اعتبر عاجزاً حكماً لما فيه من إفساد شيء غير مستحق] (١) بالعقد، وذلك يستقيم في الجلد (٢) والأكارع، بخلاف الجذع فإنه عين مال في نفسه، وإنما يثبت الاتصال بينه وبين غيره بعارض فعل العباد، إلا أنه عد عاجزاً عن التلسيم حكماً؛ لما فيه من إفساد دين غير مستحق بالعقد، فإذا انقلع والتزم الضرر زال المانع فيجوز.

فإن قلت: ما الفرق بين بعض المغيبات من المبيع فيجوز بيعها كالحنطة في سنبلها وسائر الحبوب في سنابلها، وبين بعضها فلا يجوز بيعها، كحب القطن في قطن بعينه، ونوى تمر بعينه على ما ذكر في شرح الطحاوي؟.

قلت: الفرق فيه هو أن في كل موضع يصح إطلاق اسم ذلك/ المبيع الذي باعه عليه وعلى ما يتصل به يجوز البيع، إعمالاً لتصحيح لفظه وما لا فلا، ثم الحنطة وإن كانت في سنبلها صح أن يقال: هذه حنطة، وكذلك في سائر الحبوب، يقال: هذه ذرة،

وهذا أرز، وأما في حب القطن فلا يجوز أن يقال (٣): هذا حب وهو في القطن [وإنما يقال: هذا قطن] (٤)، وكذلك في بزر البطيخ ونوى التمر لا يقال: هذا بزر، بل يقال: هذا بطيخ، وهذا تمر، هذا كله فيما أشار إليه في الذخيرة (٥).

"ضرب الشبكة على الطائر ألقاها عليه، ومنه نهى عن ضربة القانص (٦) وهو الصائد، وفي تهذيب الأزهري (٧) عن ضربة القانص، وهو الغواص على اللآلي، وذلك أن يقال للتاجر: أغوص لك غوصة فما أخرجت فهو لك بكذا" (٨).

والمزابنة: المدافعة من الزَّبْن، وهو الدفع، وسمي هذا النوع من البيع بها؛ لأنها تؤدي إلى النِّزاع والدفاع، "خرص النخلة حرز ما فيها خرصاً" في حد نصر كذا في المغرب (٩).

وقوله: ولأن فيه غرراً (١٠)


(١) ما بين معوقفتين سقط من (ب).
(٢) " الجملة" في (ج).
(٣) سقطتا من (ب).
(٤) ما بين المعوقوفتين سقط من (ب).
(٥) انظر: العناية شرح الهداية (٦/ ٤١٤).
(٦) قال في الهداية: "وضربة القانص "وهو ما يخرج من الصيد بضرب الشبكة مرة؛ لأنه مجهول ولأن فيه غرراً" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٧٤).
(٧) تهذيب اللغة (١٢/ ١٨).
(٨) المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٢٨١).
(٩) المغرب في ترتيب المعرب (١/ ١٤٢).
(١٠) هذا المتن متأخر عن مكانه فهو قبل الكلام في بيع المزابنة كما في الهداية.