للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(على إحدى الروايتين)

يتعلق بقوله:

(بين حق المرور)

أي: بين حق المرور الذي هو جائز على إحدى الروايتين، وحاصل ذلك أن المذكور في رواية الجامع الصغير "بأن بيع الطريق جائز، وبيع سبل الماء لا يجوز" (١)، لا يخلو عن ثمانية أوجه، فإن بيع الطريق لا يخلو عن ثلاثة أوجه؛ "لأنه إما أن أراد به بيع رقبة الطريق، أو أراد به حق التطرق، وهو المذكور في الكتاب بحق المرور، فلو أراد به بيع رقبة الطريق فلا يخلو إما أن يبيِّن طول الطريق وعرضه، أو لم يبيِّن، فبيع رقبة الطريق في الوجهين جائز على ما ذكرنا من رواية الجامع الصغير لقاضي خان، وإن أراد ببيع الطريق حق التطرق دون رقبة الأرض ذكر في الزيادات (٢) أنه لا يجوز، وروى ابن سماعة أنه يجوز، وذكر في كتاب القسمة، وجعل الحق المرور قسطاً من الثمن، وأنه يدل على جواز البيع، فعلى رواية الجواز فرق بين حق المرور (٣) وحق التعلي على ما تذكر.

وبيع المسيل لا يخلو عن خمسة أوجه: لأنه إما أن يريد بها بيع رقبة المسيل، وهي النهر، فهو جائز على ما ذكرنا من رواية شمس الأئمة السرخسي - رحمه الله -، أو أراد به رقبة الأرض لتسييل الماء، فهو على وجهين (٤): أن يبيِّن حدوده، وموضعه، فهو جائز أيضاً، وإن لم يبيِّن لا يجوز، وإما أن يريد به حق التسيل فهو لا يخلو من وجهين: إما إن كان هو (٥) في السطح وفي الأرض وكلاهما غير جائز، [أما عدم الجواز] (٦) في السطح فلمعنيين أحدهما: أنه متعلق بالهواء، فكان بمنْزلة حق التعلي، وبيع حق التعلي لا يجوز باتفاق الروايات (٧)، فكذا بيع حق التسييل في السطح، والثاني بسبب الجهالة؛ لأن التسييل مجهول يختلف بقلة الماء وكثرته، وعدم جواز بيع حق التسييل في الأرض بمعنى واحد، وهي الجهالة، هذا حاصل ما ذكره الإمام شمس الأئمة السرخسي وقاضي خان وغيرهما (٨)، ووجه الفرق بين المرور -حيث يجوز بيعه في رواية- وبين حق التعلي -حيث لا يجوز بيعه في جميع الروايات-، مع أنه في كل منهما بيع الحق لا بيع العين، هو أن حق المرور حق يتعلق برقبة الأرض، ورقبة الأرض مال، وهو (٩) عين، فما يتعلق به/ كان له حكم (١٠) المال أيضاً، أما حق التعلي حق يتعلق بالهواء،


(١) الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٣٣٠).
(٢) من كتب ظاهر الرواية: محمد بن الحسن الشيباني. انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٥٦٠).
(٣) "وبين" زيادة في (ب).
(٤) "إما" زيادة في (ب).
(٥) سقط من (ب).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ج).
(٧) بدائع الصنائع (٥/ ١٦٦).
(٨) قال في المبسوط: "فإن الضرر يتفاوت بقلة الماء وكثرته، وإعلام مقدار الماء غير ممكن، فربما لا يأخذ الماء جميع الموضع الذي عيَّنه، وربما يزداد عليه، فللجهالة قلنا: لا يجوز الاستئجار". المبسوط للسرخسي (١٦/ ٣٣).
(٩) "الواو" في "وهو" سقط من (ب).
(١٠) "حق" في (ب).