للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(لأن الخبث لفساد الملك ههنا) (١)

لأنه قبض الدراهم بدلاً عما يزعم أنه ملكهُ وهو الدين، فإذا ظهر أنه لم يكن عليه

دين كان المقبوض بدل المستحق، وبدل المستحق مملوك فاسداً، والخبث لفساد الملك لا يظهر فيما لا يتعيّن كذا، ذكره الإمام قاضي خان (٢).

(وبدل المستحق)

البدل هو الدراهم المقبوضة والمستحق هو الدين.

(لأن الدين وجب بالتسمية)

وهو دعواه على آخر مالاً.

(ثم استحق)

أي: الدين.

(بالتصادق وبدل المستحق مملوك)

سواء كان المستحق عيناً أو ديناً، أما عيناً/ فإنه إذا اشترى عبداً بجارية ثم أعتق العبد فاستحقت الجارية يصح عتق العبد، فلو لم يكن بدل المستحق مملوكاً لما صح عتق العبد مع أن العبد هنا بدل الجارية المستحقة، والعتق لا يجوز في غير الملك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا عتق فيما لا يملكه ابن آدم» (٣)، فلما ملك بدل المستحق فلا (٤) كان المستحق مما يتعيّن فأولى أن يملك بدل المستحق فيما لا يتعيّن وهو الدين (٥)، وهو الذي نحن فيه.

وذكر الإمام قاضي خان في الجامع الكبير (٦) في تعليل ما نحن فيه، وقال: لأنه قبض الدراهم بدلاً عمّا يزعم أنه ملكه وهو الدين في الذمة؛ إذ الديون تقضى بأمثالها، ثُمَّ لما ظهر أنه لم يكن عليه دين كان المستحق، وهو الدين في الذمة، والدراهم بدل المستحق، وبدل المستحق مملوك، بدليل ما لو حلف وقال لغريمه: والله لا أفارقك حتى استوفي منك حقي، ثُمَّ باعه المديون عبداً لغيره بذلك الدين، ثُمَّ فارقه الحالف بعدما قبض العبد، ثُمَّ إن مولى العبد استحقه ولم يجز البيع، لا يحنث الحالف؛ (لأن المديون ملك ما في ذمته في هذا البيع (٧) في أن ثمن المستحق ممك فلا يحنث الحالف) (٨) والله أعلم بالصواب.


(١) قال في الهداية: "قال: "وكذلك إذا ادعى على آخر مالاً فقضاه إياه، ثم تصادقا أنه لم يكن عليه شيء وقد ربح المدعي في الدراهم يطيب له الربح؛ لأن الخبث لفساد الملك هاهنا" الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٩٨٩).
(٢) ينظر: الفتاوى الهندية (٣/ ٢٠٨).
(٣) أخرجه أبو داود في سننه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا طلاق إلا فيما تملك، ولا عتق إلا فيما تملك، ولا بيع إلا فيما تملك» زاد ابن الصباح: «ولا وفاء نذر إلا فيما تملك» كتاب الطلاق، باب في الطلاف قبل النكاح، رقم (٢١٩٠)، (٣/ ٥١٣)، والترمذي، كتاب أبواب الطلاق واللعان، باب ما جاء: لا طلاق قبل النكاح، رقم (١١٨١)، (٣/ ٤٧٨)، واالنسائي بلفظ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ليس على رجل بيع فيما لا يملك»، كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عندك (٤٦١٢)، (٧/ ٢٨٨).
قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، انتهى. نصب الراية (٤/ ٤٤).
(٤) "فيما" في (ب).
(٥) سقطتا من (ب).
(٦) فتح القدير (٦/ ٤٣٥).
(٧) "المبيع" في (ب).
(٨) في (ب)، وفي هامش (أ).