للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اعلم أن أنواع البياعات بحسب الثمن الذي يذكر بمقابلة السلعة أنواع أربعة:

المساومة وهي التي لا يلتفت إلى الثمن السابق.

والوضيعة وهي البيع بنقصان من الثمن الأول.

والمرابحة والتولية (١).

وإنما (قيدنا بقولنا) (٢) بحسب الثمن الذي يذكر بمقابلة السلعة؛ احترازًا عن بيع الصرف؛ لأنا لو قلنا البياعات بالإضافة إلى ذكر الثمن يدخل ذلك (٣).

ثم (٤) اسم المرابحة لما ذكر من التفسير ظاهر.

وأما التولية فهي أن يجعله واليًا، فصار البائع كأنه يجعل المشتري واليًا [لما اشتراه] بما اشتراه.

قال (٥): المرابحة نقل ما ملكه بالعقد الأول بالثمن الأول مع زيادة ربح (٦).

فإن قلت: هذا التعريف غير مستقيم لما طلب منه؛ لأن في كل واحد من هذه القيود مؤاخذة وشبهة.

أما قوله: نقل ما ملكه فهو غير مجرى على عمومه، بل من حقه أن يقال: نقل ما ملكه من السلع (٧) أو من العروض (٨)؛ لأن المسألة منصوصة في فتاوى قاضي خان: أنه إذا اشترى بالدراهم الدنانير لا يجوز بيع الدنانير بعد ذلك مرابحة، مع استقامة قولنا في بيع الدنانير بعد ذلك: نقل ما ملكه من الدنانير فعلم بهذا أن المراد به العروض، ولا يجوز ذلك في مقام التعريف؛ لأنه إخلال به.

وكذلك قوله: بالعقد الأول غير مفيد، بل من حقه أن يقال: نقل ما ملكه من السلع بما يملكه؛ لأنه لا يشترط العقد فيما ملك لجواز بيع المرابحة.

ألا ترى أن من غصب (٩) عبدًا وأبق العبد (١٠) من يد الغاصب، وقضى القاضي على الغاصب بالقيمة ثم عاد العبد؛ فللغاصب أن يبيع العبد مرابحة على القيمة التي أدّاها إلى مالكه، هذا أيضًا في فتاوى قاضي خان، ولم يكن العقد هناك فعلم به أن ذكر العقد مستغنى عنه.


(١) انظر: أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء لقاسم بن عبد الله بن أمير علي القونوي الرومي الحنفي، المحقق: يحيى حسن مراد، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: ٢٠٠٤ م-١٤٢٤ هـ (١/ ٧٦).
(٢) في (ت): قيد بقوله.
(٣) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ٧٣).
(٤) في (ت): في.
(٥) في (ع): قوله.
(٦) العناية شرح الهداية (٦/ ٤٩٥).
(٧) في (ع): السلعة.
(٨) العُرُوضُ الأمتعة التي لا يدخلها كيل ولا وزن ولا تكون حيوانًا ولا عقارًا. المصباح المنير (١/ ٢٠٩).
(٩) غصبه يغصبه غصبا: أخذه ظلمًا، كاغتصبه، وغضب فلانًا على الشيء: قهره. تاج العروس (٣/ ٤٨٤).
(١٠) في (ع): العيب.