للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام التمرتاشي -رحمه الله-: لو صار مال المضاربة (١) عارية (٢) فليس لرب المال أن يطأها، وإن لم يكن فيها ربح؛ لأن للمضارب حق التصرف، ألا ترى أن رب المال لا يملك منعه (٣)، وأحاله إلى الإيضاح (٤).

والانعقاد يتبع الفائدة، ألا ترى أنه إذا جمع بين (عبده وعبد) (٥) غيره واشتراهما صفقة واحدة جاز البيع فيهما، ودخل عبده في شرائه؛ لفائدة (٦) انقسام الثمن ثم يخرج.

فكذلك ههنا يجوز البيع بين رب المال ومضاربه؛ لفائدة استفادة ولاية التصرف.

ففيه شبهة العدم، أي ففي هذا البيع شبهة عدم الجواز؛ لما ذكرنا من تعليل زفر -رحمه الله-.

ألا ترى أنه وكيل عنه، أي أن المضارب وكيل عن رب المال، وهذا لإيضاح قوله: [ففيه] (٧) شبهة العدم؛ لأن المضارب لما كان وكيلًا عنه وجب أن لا يجوز البيع بينهما، كما لا يجوز البيع بين الموكل وبين وكيله فيما وكله فيه.

بيعها مرابحة ولا يبين، أي لا يقول أنها كانت سليمة فاعوّرت في يدي، وكذلك في الوطء (٨)؛ لأن الأوصاف التابعة لا يقابلها الثمن.

فإن قيل: كما أن أعضاء المبيع للمبيع وصف، فكذلك الأجل في البيع وصف للثمن، يقال: ثمن مؤجل و ثمن حال، كما يقال: ببيع (٩) سليم ومبيع معيب، فكيف لم يجب بيان تلك الأوصاف في بيع المرابحة ووجب بيان وصف الأجل فيه على ما يأتي.

قلنا: جوابه أيضًا يأتي هناك وهو أن الأجل وإن كان وصفًا لكن له قسط من الثمن على ما يأتي، وكذا منافع البضع (١٠) لا يقابلها الثمن.


(١) المضاربة على وزن مفاعلة (مشتقة من الضرب في الأرض) وهو السير فيها، قال الله عز وجل: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ} وعقد المضاربة في الاصطلاح إعارة المال إلى من يتصرف فيه ليكون الربح بينهما على ما شرطا. البناية شرح الهِدَايَة (١٠/ ٤٢)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لزين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم المصري، الناشر: دار الكتاب الإسلامي، الطبعة: الثانية - بدون تاريخ (٧/ ٢٦٣).
(٢) في (ع): جارية.
(٣) في (ع): بيعها.
(٤) في (ع): جارية.
(٥) في (ع): عبد.
(٦) لم أقف عليه.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ع).
(٨) مِنْ مَعَانِي الْوَطْءِ لُغَةً: النِّكَاحُ وَالْجِمَاعُ، أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَيَسْتَعْمِلُونَهُ بِمَعْنَى الْجِمَاعِ. الموسوعة الفقهية الكويتية (٣٠/ ٢٩٤).
(٩) في (ع): مبيع.
(١٠) البضع هو الفرج نفسه وقيل هو الجماع. ينظر: لسان العرب (٨/ ١٤)، غريب الحديث لابن الجوزي (١/ ٧٤)، الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي لمحمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور، المحقق: مسعد عبد الحميد السعدني، الناشر: دار الطلائع ص ٢٠٠.