للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله رحمه الله: (فلا خلاف بيننا وبين المعتزلة بأنه مخلوق) هذا مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة وسلف الأمة؛ لأن القرآن عند أهل السنة والجماعة هو كلام الله تعالى غير مخلوق منه، وأنه سبحانه يتكلم إذا شاء بما شاء، وأن كلامه يسمع ويتلى وأنه بحرف وصوت، ومن قال: أن المكتوب في المصحف عبارة عن كلام الله أو حكاية عن كلام الله، وليس فيها كلام الله، فقد خالف الكتاب والسنة وسلف

الأمة (١).

٢ - عقيدته في أسماء الله تعالى وصفاته: قال الإمام السِّغْنَاقِي -رحمه الله- (٢): (ليس له موجب سوى اعتقاد الحقيقة فيه والتسليم كما قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (٣)، نظير ذلك قوله تعالى {يَدُ اللَّهِ} (٤)، فبالنظر إلى اليد يعلم أن المراد منها الجارحة، ثم هذا الموضع لا يحتمل ذلك، فكان على خلاف المراد الذي يعلم من ظاهر الكلام؛ لأن الله تعالى منزه عن الجارحة، فتشابه موجب السمع وموجب العقل، والسلف لم يشتغلوا بتأويل المتشابه؛ بل قالوا: نؤمن بتنزيله ولا نشتغل بتأويله ونفوض أمره إلى الله، ونقول: ما أراد الله به فهو حق).

والجواب عن هذا أن المؤلف رحمه الله جعل اليد في قوله تعالى {يَدُ اللَّهِ} (٥)، من المتشابهات، لأن الماتريدية تجعل الأسماء والصفات من المتشابهات خلافا للسلف، وبالتالي فوض أمره من حيث المعنى والكيف إلى الله، لأنه ما أخذ من اليد معناه المعلوم، وتنزه الله عن ذلك، والتفويض عند الماتريدية هو التفويض في معانيها وكيفيتها وجهلهما معا، ونفي ما تدل عليه نصوصها، وتلاوتها دون فهم معانيها.

أما عند السلف فالتفويض للكيف دون المعنى، فالسلف كانوا يعرفون معاني الصفات ويفوضون علم كيفيتها إلى الله، فيكون الكيف هو المجهول عندهم لا المعنى، فكانوا مثبتين للصفات لا مفوضين لها.

٣ - عقيدته في مسألة تكوين العالم. قال الإمام السِّغْنَاقِي- رحمه الله-: (٦) (التكوين أزلي قائم بذات الله تعالى، وهو تكوين لكل جزء من أجزاء العالم عند وجوده، لا أنه يوجد عنده كاف ونون عند عامة المتكلمين من أصحابنا.

فإن قيل: فإذا حصل وجود العالم بالتكوين فما الفائدة في خطاب {كُنْ} عند الإيجاد؟


(١) انظر: شرح العقيدة الواسطية للهراس (١/ ١٨٩).
(٢) انظر: الكافي (١٤٧ - ١٥٠).
(٣) سورة آل عمران من الآية (٧).
(٤) سورة المائدة من الآية (٦٤).
(٥) سورة المائدة الآية (٦٤).
(٦) انظر: الكافي (١/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>