للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: ألحق محمد/ بالغاصب وغاصب الغاصب في [تخيير] (١) تضمين المالك على ما ذكرت من المبسوط (٢).

ثم المالك هناك لو ضَمَّنَ الغاصب؛ فإنَّ الغاصب يرجع بذلك الضمان على الغاصب الثاني، ولو ضمن الغاصب الثاني؛ فإنَّه لا يرجع به على الغاصب الأول وهاهنا كل واحد من الفريقين لا يرجع به على الآخر عند الضمان فما وجه الفرق بينهما (٣).

قلت: كل واحد من فريقي الشُّهود الأصول والشُّهود الفروع مؤاخذ بفعله، فإذا ضمنه المشهود عليه لا يرجع به على الآخر.

فقال في الذَّخيرة: «فإنْ ضمن الفروع، فالفروع لا يرجعون به على الأصول كما في الغصب ولو ضمن المالك الغاصب الثاني لا يرجع به على الغاصب الأول، وإن ضمن الأصول لا يرجعون به على الفروع أيضاً بخلاف ما لو ضمن المالك الغاصب حيث يرجع به على غاصب الغاصب» (٤).

«وإنَّما كان هكذا ههنا؛ لأنَّ سبب التَّلف نقل شهادة الأصول إلى مجلس القضاء، ونقل شهادة الأصول ثبت لهما؛ فإنَّه لولا إشهاد الأصول لما تمكن الفروع من النقل، ولولا نقل الفُروع لم يثبت النقل» (٥).

[فكان] (٦) فعل كل واحد من الأصول والفروع في حق المشهود عليه سببُ ضمانٍ على سبيل المباشرة، أمَّا في حق الفروع فظاهر؛ لأنَّهم نقلوا شهادة الأصول عند القاضي على وجه لو لم يعمل القاضي بشهادتهم يأثم.

«وكذلك الأصول مباشرون من حيث الحكم؛ لأنَّ أداء الفروع منقول إلى الأصول؛ لأنَّ الفروع مضطرون من جهة الأصول إلى الأداء بعد الإشهاد فإنَّهم لو امتنعوا من الأداء أثموا (٧).

ألا ترى أنَّ قضاء القاضي اعتبر منقولاً إلى الشَّاهد؛ لأنَّه مضطر إلى القضاء من جهته حتى لو امتنع عن القضاء به يأثم كذا هاهنا» (٨).

فلما كان كل واحد من الفريقين مباشراً في حقه كان كل واحد منهما مؤاخذاً بفعله على سبيل الانفراد، فلا يرجع أحدهما بالضَّمان على الآخر؛ لأن كل واحد منهما مستبد بفعله.

وأشار إلى هذا أيضاً ما ذكرنا من رواية المبسوط (٩) بقوله: بل يجعل كل فريق كالمنفرد، بخلاف غاصب الغاصب.


(١) في «س»: [تخير].
(٢) ينظر: المبسوط (١٧/ ٢١).
(٣) ينظر: المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(٤) المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(٥) المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(٦) في «ج»: [وكان].
(٧) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢٥٢).
(٨) المحيط البرهاني (٨/ ٥٧٥).
(٩) ينظر: المبسوط (١٧/ ٢١).