للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا التصرفات التي تقوم بالقول، ولا يتوقف عن القبض، فالوكيل يجب أن يكون أصيلاً؛ لأنَّه أصل في التكلم، وكلامه مملوك له إلا أنَّا فصلنا بين الحكم والحقوق، فأظهرنا قضية الولاية الأصليَّة فيما يرجع إلى الحقوق [في هذه] (١) المواضع العقود، وإن كانت تقوم باللفظ؛ لكن الحكم لا يتأتّى إلا بالقبض، والقبض تصرف في المحل، ولا ملك له فيه، فلا يمكن أن يجعل أصلاً بوجه [ما] (٢).

ولو كانت هذه الوكالة من الملتمس لذلك نحو أن وكَّل بالاستعارة، أو الارتهان، أو الاستيهاب فالحكم، والحقوق كلها تتعلق بالموكل (٣).

«وكذلك الشركة» (٤)؛ أي: الوكيل فيهما يضيف العقد إلى الموكل لا إلى نفسه إلا أنَّ التَّوكيل بالاستقراض باطل (٥)، وقد ذكرنا وجهه في أوائل ما نحن فيه من كتاب الوكالة.

«بخلاف الرسالة فيه» (٦)، أي: تصح الرسالة في الاستقراض.

وذكر في الإيضاح: فالتَّوكيل بالاستقراض لا يصح، ولا يثبت الملك فيما استقرض للآمر إذا بلغ على سبيل الرسالة، فيقول: أرسلني إليك فلان، ويستقرض منك -فحينئذٍ- يثبت الملك للمستقرض (٧).

«فإن دفعه إليه جاز» (٨)، أي: فإن دفع المشتري الثمن إلى الموكل جاز؛ فإن قلت: ما الفرق بين هذا، وبين الوكيل ببيع الصَّرف، فإن هناك لو قبض الموكل بدل الصَّرف لا يجوز.

قلت: لأنَّ جواز بيع الصَّرف معلق بالقبض، [فكان] (٩) القبض في الصَّرف بمنزلة الإيجاب، والقبول (١٠).

ولو ثبت للوكيل حق القبول، وقبض الموكل لا يجوز قبوله، فكذا إذا ثبت له حق القبض، وقبض الموكل لا يجوز.

وأما قبض [المشتري] (١١) ثمن السلعة فليس بمنزلة الإيجاب، والقبول لما أن نفس ثمن المقبوض حق الوكيل، وقد وصل إليه، فيجوز.

إلى هذا أشار في أنواع الفصل العاشر من الذخيرة.

ووجدت بخط شيخي - رحمه الله -: أنَّ المُشتِري من الوصي إذا دفع الثمن إلى الصبي، فللوصي أن يرجع على المشتري (١٢).


(١) في «س»: [وفي].
(٢) سقط من: «س».
(٣) البناية شرح الهداية (٩/ ٢٣٢).
(٤) تمام المسألة في الهداية (٣/ ١٣٨): « … وكذا إذا كان الوكيل من جانب الملتمس، وكذا الشركة والمضاربة، إلا أن التَّوكيل بالاستقراض باطل حتى لا يثبت الملك للموكل بخلاف الرسالة فيه».
(٥) ينظر: البحر الرائق (٧/ ١٥٢).
(٦) الهداية (٣/ ١٣٨).
(٧) العناية شرح الهداية (٨/ ٢٤).
(٨) الهداية (٣/ ١٣٨).
(٩) في «ج»: [وكان].
(١٠) تبين الحقائق (٤/ ٢٥٨).
(١١) سقط من: «س».
(١٢) البناية شرح الهداية (٩/ ٢٣٢).