للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقيل: الْمُدَّعِي من يتمسك بغير الظاهر) (١)؛ فإنّ الظاهر هو أن تكون الأملاك في يد المُلَّاكِ، وأنَّ الظاهر براءة الذمة، والْمُدَّعِي هو خارج عن تصرف الأملاك يدَّعي الأملاك لنفسه ويدَّعي/ [شغل الذمة] (٢) فكان الْمُدَّعِي متمسكاً بغير الظاهر (فالقول له) أي للمُودِعِ (مع اليمين) (٣)، كما أنَّ القول قول المودع مع اليمين، فكذلك بينته تقبل على الردِّ أيضاً، ذكره في بَابِ الاختلاف في البيوع من بيوع المَبْسُوط (٤) وفي أدب القاضي منه؛ لأنَّه [ينكر] (٥) الضمان (والقول قول المنكر) (٦)؛ لتمسكه بالأصل لأن الأصل في الذمم البراءة (٧) (٨).

فإن قيل: يُشْكِلُ على هذا ما إذا ادَّعى المديون براءة ذمته بدفع الدين إلى وكيل ربِّ الدين، ثُمَّ حضر ربُّ الدين وأنكر الْوَكَالَة (فالقول لربِّ الدين) (٩) على ما مرَّ في باب الْوَكَالَةِ بالخصومة، مع أنَّ المديون في دعوى البراءة متمسِّك بالأصل.

قلنا: انعكس الحكم هناك لانعكاس العلة، لما أن المديون هناك يدّعي البراءة بعد الشغل فكان الشغل أصلاً والبراءة عارضاً.

وأمَّا هاهنا كانت البراءة أمراً أصلياً فمن ادّعى البراءة هنا كان متمسكًا بالأصل وكان القول قوله لما أن ذمة المُودِعِ كانت فارغة عن الشغل بالأصل فكان الشغل عارضاً لا محالة، فَرَبُّ الوَدِيعَةِ في إنكار الردِّ يدَّعي الشُّغْلَ، وهو أمر عارض فلا يكون القول قوله: (ولا تقبل الدَّعْوَى حتى يذكر شيئاً معلومًا في جنسه) بأن قال: حنطة مثلاً (وقدره) بأن قال: عشرة أَقْفِزَةٍ (١٠) [حِنْطَةٍ] (١١).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٥).
(٢) في (ج) (حقاً).
(٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ٣١)
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ٢١٤).
(٧) يُنْظَر: الأشباه والنظائر لابن نجيم (١/ ٥٩).
(٨) يُنْظَر: مجمع الأنهر (٣/ ٣٩٩)، تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٩١).
(٩) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ٢١٤).
(١٠) القَفِيزُ: والجمع أقفزة وقفزان، مكيال ثمانية مكاكيك، المكوك صاع ونصف، ويساوي اثنا عشر صاعاً، والصاع خمسة أرطال وثلث رطل، يساوي عند الحنفية (٤٠. ٣٤٤) لتراً. يُنْظَر: المصباح المنير (٢/ ٥١١)، معجم الفقهاء (١/ ٤٤٣).
(١١) [ساقط] من (ج).