للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا عند غيره (١) فمعلول مادامت السلعة قائمة سواء كان قبل القبض أو بعده واختصاص مُحَمَّد (٢) -رحمه الله- بأنه يرى النص معلولاً إنما يظهر فيما إذا وقع الاختلاف بعد هلاك السلعة وقد ذكرناه (فالقول قول المسلم إليه) (٣) أي: مع يمينه وذكر صدر الإسلام -رحمه الله- (٤) فالقول قول المسلم إليه ولا يتحالفان ولا يعود السلم لأن الإقالة في بَابِ السلم ليس بيع بل هو إبطال من كل وجه فإن رب السّلم لا يملك المسلم فيه بالإقالة بل يسقط المسلم فيه أصلاً فلم يكن فيها معنى البيع حتى يتحالفا فاعتبر فيه حقيقة الدَّعْوَى والمسلم إليه هو المنكر حقيقة؛ (لأنّ الإقالة في بَابِ السلم لا تحتمل النقض) (٥) أي: الفسخ يعني أنّ التحالف لا يجري في بَابِ السّلم، وإن وقع اختلاف المتعاقدين في الثمن بل كان القول قول المسلم إليه مع اليمين ولا يعود السلم أما وجوب اليمين على المسلم إليه دون رب السّلم لأنّ ربّ السّلم يدّعي على المسلم إليه زيادة من رأس المال وهو ينكر أمّا المسلم إليه لا يدعي شيئاً على ربّ السّلم؛ لأن المسلم فيه قد سقط عنه بالإقالة.

وأمّا عدم عود السّلم؛ لأنّ ذلك أثر الفسخ الذي هو موجب التحالف ولا يجري التحالف في إقالة السّلم وإن كان اختلافهما واقعًا في الثمن وذلك؛ لأنّ التحالف شرع للفسخ وإقالة السّلم ما لا يحتمل الفسخ ألا ترَى أن رأس المال لو كان عرضاً فردّه بعيب على ربّ السّلم ولم يسلّم إليه حتى هلك في يده [مما] (٦) لا يعود السّلم وبمثله لو اشترى عرضاً فردّه بعيب ولم يسلّم إلى البائع حتى هلك في يده يبطل الرد ويعود البيع والفقه فيه أنّ المسلم فيه يسقط بالإقالة فلو انفسخت الإقالة كان حكم انفساخها عود المسلم فيه والساقط لا يحتمل العود ولو تصوّر لا يعود برأس المال؛ لأنّه دين أمّا الإقالة في البيع حكمها عود المبيع إلى البائع فإذا انفسخت الإقالة يعود إلى ملك المشتري وملك العين مما لا يحتمل العود كذا ذكره الإمام قَاضِي خَانْ -رحمه الله- (٧).

فإن قيل الإقالة في بيع العين بعد قبض المبيع إنما اعتبرت بيعًا جديدًا في حق غير المتعاقدين فأمّا في حق المتعاقدين اعتبر فسخًا، ألا ترَى أنّ القبض لما كان من حقهما اعتبرت الإقالة في حق القبض فسخًا فيما بينهما حتى أن البائع لو باع المبيع من المشتري بعد الإقالة قبل القبض جاز ولو باع من غيره لم يجز (٨).


(١) يُنْظَر: فتح القدير (٦/ ٥٠١).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق (٧/ ٢٢٢).
(٣) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٤).
(٤) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٦/ ٥٥٩).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٤).
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣١٠).
(٨) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٥/ ١٣٠).