للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو واجب وأبو حنيفة رحمه الله يقول: الأصل ما قاله زفر، أن الحد غير المحدود وما لا يقوم بنفسه حد ذكرا وإن لم يكن واجبًا إلا أن الغاية الأولى لابد من إدخالها لأن الدرهم الثاني والثالث واجب ولا يتحقق الثاني (١) بدون الأول ولأن الكلام يستدعي ابتداءً. فإذا أخرجنا الأول من أن يكون واجبًا صار الثاني هو الابتداء فيخرج هو من أن يكون واجبًا، ثم الثالث والرابع هكذا بعده، فلأجل هذه الضرورة لم أدخلنا فيه الغاية الأولى ولا ضرورة في إدخال الغاية الثانية فأخذنا فيها بالقياس ولو قال: له عليَّ ما بين (٢) كرّ (٣) شعير إلى كرّ حنطة فعليه في قول أبي حنيفة رحمه الله: كرّ شعير وكرّ حنطة إلا قفيز (٤) حنطة لأن القفيز الآخر من الحنطة هو الغاية الثانية. وعند أبي يوسف ومحمد يلزمه الكرّان ولو قال: له عليَّ ما في عشرة دراهم إلى عشرة دنانير فعند أبي حنيفة رحمه الله ويلزمه الدراهم وتسعة دنانير وعندهما يلزمه عشرة دراهم وعشرة دنانير (٥). وقوله: من كذا إلى كذا بمنزلة قوله ما بين كذا وكذا في جميع ما ذكرنا. والله أعلم.

لما تغيرت المسائل صورة ومعنى وتجنست في نفسها بأنها مسائل الحمل أتى بفصل على حدة لها إلا أنه ألحق مسألة الخيار بها اتباعًا للمبسوط فإن فيه هكذا. ثم اعلم أن الإقرار


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (أ): من.
(٣) الْكُرُّ: كَيْلٌ مَعْرُوفٌ وَالْجَمْعُ أَكْرَارٌ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَهُوَ سِتُّونَ قَفِيزًا وَالْقَفِيزُ ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ وَالْمَكوكُ صَاعٌ وَنِصْفٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ فَالْكُرُّ عَلَى هَذَا الحسَابِ اثْنَا عَشَرَ وَسْقًا. يُنْظَر: المصباح المنير ٢/ ٥٣٠.
(٤) القفيز هُوَ: مِكْيَالٌ تتواضَعُ الناسُ عَلَيْهِ، وهو ثمانية مكاكيك، ويساوي اثنا عشر صاعًا والجمع إقفزة وقفزان، يُنْظَر: لسان العرب ٥/ ٣٩٥، المصباح المنير ٢/ ٥١١، معجم الفقهاء ١/ ٤٤٣.
(٥) يُنْظَر: درر الحكام ٢/ ٣٦٢، قرة عين الأخيار ٨/ ٢٥٨.