للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتكلم به. وعندنا موجب الاستثناء بأن يصير كالمتكلم بما وراء المستثنى خاصة ويخرج كلامه في القدر المستثنى من أن يكون إيجابًا وأصل الخلاف بيننا وبينه في التعليق بالشرط. فإنه لا خلاف بيننا وبينه أن الاستثناء والتعليق بالشرط كل واحد منهما بيان إلا أن عنده بالتعليق بالشرط لا يخرج كلامه من أن يكون إيقاعًا فيكون ذلك بيانًا في أحد المحكمين والاستثناء يخرج المستثنى من أن يكون في حكم المذكور أصلًا، فيكون هذا بيانًا أن أصل الإيجاب لم يتناول إلا ما وراء المستثنى ودليله على إثبات أصله قول أهل اللغة: الاستثناء من النفي الإثبات ومن الإثبات نفي. فلو لم يكن حكم الاستثناء ضد حكم أصل الكلام لكان قولهم هذا باطلًا. وفي كلمة الشهادة إثبات التوحيد بالاتفاق، ولو كان عمل الاستثناء فيما قلتم لكان هذا نفيًا للشريك (١) لا إثباتًا للتوحيد. فإذا ثبتت هذه القاعدة قلنا يجب العمل بالدليل المعارض بحسب الإمكان فإن كان المستثنى من جنس المستثنى منه كان الدليل المعارض في العين فيمتنع العمل بقدره وإن لم يكن من جنسه كان الدليل المعارض باعتبار القيمة فيمتنع ثبوت الحكم بقدر قيمة المستثنى ودليلنا على إثبات الأكل قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا (١٤)} [العنكبوت من: ١٤]، وامتناع ثبوت الحكم لقيام الدليل المعارض يكون في الإيجاب لا في الإخبار. وإذا لم يجعل الطريق في الاستثناء ما قلنا أن المستثنى منه عبارة عما وراء المستثنى كان هذا رجوعًا واستدراكًا للغلط وذلك لا يجوز على الله تعالى وما زاد على هذا التقدير (٢) مذكور في أصول الفقه. وإذا ثبت هذا قلنا: إنما يصح الاستثناء لاستخراج ما لولا الاستثناء لكان الكلام متناولًا له ولم يكن أصل كلامه متناولًا للثبوت (٣) فلم يكن هذا استثناءً بل يكون كلامًا مبتدأً لبيان أنه


(١) في (ب): للشرك.
(٢) في (ب): التقرير.
(٣) في (ب): الثوب.