الثاني ثم لا يزال يصح إلى أن يأتي الإقرار على الجميع كذا في الإيضاح (١) وهذه
المسألة بهذا التعليل تجيء في الكتاب بُعيد هذا فإن قلت: هذا الفقه الذي ذكر في
الإيضاح في حق إقرار المريض بجميع المال في حق جواز الإقرار يحميع المال وارد أيضًا في الوصية
يحميع المال فينبغي أن تجوز وصيته يحميع المال إذا لم يكن عليه دين بهذا الطريق الذي ذكر،
لأن المريض كان له حق التصرف بثلث ماله بدون إجازة الورثة فلما صح تصرفه في ثلث ماله كان له حق التصرف أيضًا في الثلث الباقي لما أن جميع ماله بعد الثلث الخارج جعل كأنه هو في الابتداء فيجب أن تنفذ وصيته في ثلثه أيضًا ثم وثم هكذا إلى أن يأتي الكل. قلت: نعم كذلك إلا أن بين الإقرار والوصية فرقًا في أصله وهو أن الوصية بالمال إنشاء تبرع محض من الابتداء وتبرعه مقصور على الثلث بالضرع. وأما الإقرار فهو إخبار في نفسه ليس بإنشاء تبرع إنما جعل تبرعًا في حق غرماء الصحة لئلا يبطل حقهم الثابت شرعًا من كل وجه ولما كان هو إخبارًا في نفسه كان الظاهر من حال العاقل أنه لا يكذب في إخباره فأخذ به إذا لم يتضمن إبطال حق غرماء الصحة فصار هو كالوكيل بالبيع إذا عزله الموكل فقال: كنت بعته لم يصدق إذا كان إخباره بعد العزل ويصدق إذا كان إخباره بالبيع قبل العزل؛ لأن إخبار العاقل يحمل على الصدق في أصله إذا لم يتضمن إبطال حق الغير فكان إقراره بجميع المال لآخر عند وجود غرماء الصحة بمنزلة إقرار الوكيل بالبيع بعد العزل من حيث يضمن إخباره إبطال حق الغير فلا يصح عند وجود غرماء الصحة إلى هذا أشار في الأسرار.
(١) يُنْظَر: البناية شرح الهداية ٩/ ٤٧١، اللباب شرح الكتاب ٢/ ٨٥.