للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأجنبي كما يجوز مع الخصم إلا أن الأجنبي إن ضمن المال فهو عليه بالالتزام ولا يدخل في ملكه بإزاء ما التزم شيء؛ لأن المسقط يكون متلاشيًا ولا يكون داخلًا في ملك أحد؛ وإن لم يضمن لم يلزمه المال بمطلق العقد ولكن إن كان الصلح بأمر المدعى عليه فالمال عليه أي: على المدعى عليه؛ لأن الأجنبي معتبر عنه، ألا ترى (١): أنه لا يستغني عن إضافة العقد إليه وإن كان بغير أمره فهو موقوف على إجارته؛ لأن المال لم يجب على المصالح ولا يمكن إيجابه على المدعى عليه بغير رضاه والمدعي لم يرض بسقوط حقه إلا بعوض يجب له فيتوقف على رضا المدعى عليه فإن قلت: فعلى ما ذكرت من رواية المبسوط بأن الصلح لا يستغني عن إضافة العقد إلى المدعى عليه كان ينبغي أن يكون الصلح نظير النكاح في الأمر بالصلح وليس كذلك. فإن الأمر بالنكاح لا يكون أمرًا بالضمان حتى أن المأمور بالنكاح مطلقًا لو زوج المرأة الآمر وأدى المهر لا يرجع به على الآمر لما قلنا. وأما: إذا أمر المدعى عليه رجلًا بالصلح فكان أمرًا بالضمان حتى (٢) يرجع المأمور بما أدى من بدل الصلح على المدعى عليه وكذلك في الخلع حتى أن مأمور المرأة بالخلع إذا ضمن بدل الخلع أو أدي يرجع به على المرأة قلت: ذكر الفرق بين هذه المسائل على هذا الطريق في شرح الطحاوي (٣) فقال: الآمر بالصلح آمر بالضمان وكذلك الخلع بخلاف النكاح فإن الآمر بالنكاح لا يكون آمرًا بالضمان حتى ظهر أثرهما في الرجوع وعدم الرجوع. والفرق بينهما: أن الخلع يجوز على المرأة بغير أمرها ألا يرى: أن الفضولي لو قال للزوج: اخلع امرأتك على مائة من مالي فخلع جاز فلماكان الخلع يجوز على المرأة بغير أمرها ففائدة أمرها الرجوع عليها بالضمان الذي وجب، وكذلك الأمر بالصلح أمر بالضمان لهذا


(١) في (ب): يرى.
(٢) في (ب): ومتى.
(٣) يُنْظَر: الجوهرة النيرة ١/ ٣٢٢.