للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينتفع به كما هو المعروف وما قال أبو يوسف رحمه الله (١): أن النقد لا يصلح عوضًا عن الحط؛ لأن النقد قبل الحط كان واجبًا قلنا: النقد قبل الحط كان واجبًا في المداينة وبهذا (٢) الشرط جعل عوضًا عن الحط فيعتبر واجبًا مرة أخرى ليصير عوضًا عن الحط فيبطل الحط بفواته إذ الثابت مرة يعتبر ثابتًا مرة أخرى إذا أفاد اعتباره ثابتًا مرة أخرى بدليل: أن من ظاهرَ من امرأته مرارًا صح لما أن بيانه (٣) مرارًا يفيد شيئًا وهو وجوب الكفارة. فكذلك ها هنا النقد وإن كان واجبًا بحكم المداينة قبل الصلح إلا أنه يعتبر واجبا مرة أخرى؛ لأنه يفيد إيجابه مرة أخرى ليصير عوضًا عن الحط فيبطل الحط بفواته.

فإن قيل: ما أشار إليه هنا من اعتباره واجبًا مرة أخرى ليصير عوضًا عن الحط موجود فيما إذا قال: أبرأتك عن خمسمائة من الألف على أن تعطيني خمسمائة غدًا قلنا: قال صدر الإسلام في الجامع الصغير (٤) عقيب التعليل لقولهما أما إذا قال: أبرأتك عن خمسمائة على أن يؤدِّي (٥) إليَّ خمسمائة ينبغي أن يكون الجواب هكذا أيضًا وفيه إشارة إلى أن للمنع مجالًا فيما إذا بدأ بالإبراء وثنى بالتقييد، ثم الفرق بينهما أنه متى بدأ بالإبراء فأداء الخمسمائة لا يصلح أن يكون عوضًا مطلقًا لكنه يصلح شرطًا فوقع الشك في تقييده بالشرط فلا يتقيد به. بخلاف ما إذا بدأ بالأداء؛ لأن الإبراء حصل مقرونًا به فمن حيث أنه لا يصلح عوضًا يقع مطلقًا ومن


(١) ساقطة من (ب).
(٢) في (ب): وبعد.
(٣) في (ب): إثباته.
(٤) الجامع الصغير: لمحمد بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم، أَبو اليسر، صدر الإسلام البزدوي: فقيه بخاريّ، ولي القضاء بسمرقند. انتهت إليه رياسة الحنفية في ما وراء النهر. له تصانيف، منها: أصول الدين، توفي في بخارى سنة ٤٩٣ هـ. يُنْظَر: الجواهر المضيئة ٢/ ٢٧٠.
(٥) في (أ): إلى أن يؤدى.