للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحمرة كذلك فهو اللون الأصلي للدم إلا أن عند غلبة السّواد [يضرب إلى السواد] (١) وعند غلبة الصفراء يرق فيضرب إلى الصفرة، ويتبين ذلك لمن افتصد (٢).

والصفرة كذلك حيض؛ فإنها من ألوان الدم إذا رق، وقيل: هي كصفرة السن أو كصفرة القز.

وأما الكدرة فلونها كلون الماء الكدر، وهي حيض في قول أبي حنيفة ومحمد-رحمهما الله- سواء [رأته] (٣) في أول أيامها أو في آخر أيامها.

وقال أبو يوسف: إن رأت الكدرة في أول أيامها لم يكن حيضًا، وإن رأت في آخر أيامها يكون [حيضًا. قال: لأن الكدرة من كل شيء تتبع صافيه، فإذا تقدمها دم أمكن جعل الكدرة] (٤) حيضًا تبعًا، وأما إذا لم يتقدمها دم فلو جعلناها حيضًا كانت مقصودة لا تبعًا؛ ولأن الكدرة مشتبه اللون فيشببه حكمها أيضًا، فإن كانت في حالة الطهر فهي طهر، وإن كانت في حالة الحيض فهي حيض؛ لأن الأصلي في المشتبه [هو] (٥) الرجوع إلى [المحكم أو إلى الأصل] (٦)، فإن تقدم الطهر كان الأصل هو الطهر فكان هو طهرًا أيضًا، وإن تقدم الحيض كان الأصل هو الحيض فكان هو حيضًا أيضًا، وهما يقولان ما يكون حيضًا إذا رأته المرأة في آخر أيامها يكون حيضًا إذا رأته في أول أيامها كالسواد والحمرة؛ لأن جميع مدة الحيض في حكم [واحدٍ] (٧)؛ ولأن [المتكدر] (٨) فيه هو الشيء المختلط بأجزاء الدم [ثم أجزاء الدم] (٩) إذا خرجت بانفرادها تكون حيضًا، فكذلك إذا خرجت مع شيء آخر، وما قاله أبو يوسف فيما إذا كان الثقب في [أعلى الطرف، فأما إذا كان الثقب في] (١٠) أسفله فالكدرة تسبق خروجها أيضًا، وها هنا الثقب من الأسفل فجعلنا الكدرة [حيضا ابتداءً، كان شيخي -رحمه الله- يقول: إن من خاصية الطبيعة أنها تدفع الكدر] (١١) أولاً وهو محسوس في الاقتضاء والتغوّط.

وأما الخضرة فقد أنكر بعض مشايخنا وجودها حتى قال أبو نصر بن سلام -رحمه الله- حين سئل عن الخضرة كأنها أكلت [قصيلاً] (١٢) على طريق الاستبعاد.


(١) ساقط من (ب).
(٢) الفصد: قطع العِرْقِ، وقد فصدت وافتصدت، وانفصد الشيء وتفصد: سال. الصحاح (٢/ ٥١٩) مادة [فصد].
(٣) في (أ): «رأت» والتصويب من (ب).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) ساقط من (ب).
(٦) في (أ): «الحكم وإلى الأصل» والتصويب من (ب).
(٧) ساقط من (ب).
(٨) في (ب): «المنكدر».
(٩) ساقط من (ب).
(١٠) ساقط من (ب).
(١١) ساقط من (ب).
(١٢) القصيل: هو الشعير يُجزُ أخضر لعلف الدواب، والفقهاء يسمون الزرع قبل إدراكه قصيلًا وهو مجاز المغرب (٢/ ١٨٣) مادة [قصل].