للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن الأجر والضمان لا يجتمعان (١)؛ لأن المعقود عليه منافع العبد بالكوفة، ولا يتصور وجود ذلك بعد إخراجه من الكوفة، وكذلك لو استأجره بالكوفة، ولم يشترط الخدمة بالكوفة فهو على الخدمة بالكوفة أيضا، وليس له أن يسافر به؛ لأن مطلق العقد ينصرف إلى المتعارف (٢)؛ ولأن الظاهر من حال صاحب العبد أنه يريد الاستخدام في مكان العقد حتى لا يلزمه مؤنه (٣) الرد.


(١) القاعدة: (الأجر والضمان لا يجتمعان).
الأجر: هو بدل المنفعة عن مدة ما، والضمان: هو الغرامة لقيمة العين المنتفع بها أو نقصانها، ولا يجتمع الأجر والضمان في محل واحد من أجل سبب واحد في اتحاد الجهة، لأن الضمان يقتضي التملك، والمالك لا أجر عليه، والأجر يقتضي عدم التملك، وبينهما منافاة.
والأصل في هذا أن كل موضع لا يصير ضامنًا فالأجر واجب، وفي كل موضع يصير ضامنًا، فلا أجر عليه. وهذه القاعدة تشهد لمذهب الحنفية فقط، وعند غيرهم من الأئمة لا اعتبار لهذه القاعدة، ويجتمع الأجر والضمان، كالغاصب الذي انتفع بالمغصوب وهلك، فإنه يضمنه وعليه الأجرة.
انظر: الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية (ص: ٥١)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (١/ ٥٤٧).
(٢) القاعدة: ألفاظ ورود القاعدة:
مطلق الإذن ينصرف إلى المتعارف.
ومطلق اللفظ في الإقرار ينصرف إلى المعتاد.
وفي لفظ: مطلق العقد ينصرف إلى المتعارف -أو يتقدّر بدلالة العرف.
وفي لفظ: مطلق التّسمية محمول على المتعارف بين الناس. أو مطلق اللفظ -في مخاطباتهم.
وفي لفظ: مطلق التّسمية في العقد تنصرف إلى المتعارف.
وفي لفظ: مطلق التّسمية ينصرف إلى ما هو المعروف بالعرف.
هذه القواعد تندرج وتتفرّع على قاعدة (العادة محكَّمة)، فهذه القواعد تبيّن أثر العرف وعادة الناس في معاملاتهم وتصرّفاتهم القوليّة، فالإذن بعمل شيء ما إذا كان مطلقًا عن الشّروط فهو ينصرف ويتقيّد بالمتعارف في مثل ذلك التّصرّف، وكذلك إذا أقرّ إقرارًا مطلقًا بأمر ما فهو ينصرف إلى المتعارف المعتاد في مثله، وإذا أطلق لفظ عقد كبيع أو نكاح أو إجارة أو هبة أو غير ذلك فإنّه ينصرف دائمًا إلى المتعارف المعمول به بين الناس في العادة، وكذلك بالنّسبة للمذكور في اليمين إلا إذا وجد صارف.
انظر: موسوعة القواعد الفقهية (١٠/ ٦٥٧).
(٣) مؤنة: اسم لما يتحمله الإنسان من ثقل النفقة التي ينفقها على من يليه من أهله وولده.
انظر: التعريفات (ص: ١٩٦).