للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: ما هو غير متمكن في صلبه، فهو ليس بمفسد، وهذا الشرط الذي ذكره وهو أن لا يخرج من الكوفة ليس يتمكن في صلب العقد فلا يفسده، ولما لم يفسده كان على المكاتب أن يمضي على موجب كتابته، وهو جواز السفر له، والدليل على هذا التقرير ما ذكره في المبسوط (١) بعد ما ذكر صورة المسألة [هذه] (٢)، كان هذا الشرط باطلا؛ لأنه خلاف موجب العقد، فإن مالكية اليد تثبت له حق الاستبداد (٣) بالخروج [إلى حيث شاء] (٤)، والمقصود بالعقد يمكنه من ابتغاء (٥) المال، وذلك بالضرب في [الأرض] (٦). قال الله تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (٧).

فكل شرط يمنعه من ذلك فهو خلاف موجب العقد، فكان باطلا، وعند سفيان الثوري (٨) -رحمه الله- يصح هذا الشرط؛ لأنه مفيد كالمودع إذا قال للمودع: أحفظها في بيتك دون بيت غيرك، صح كذا هذا، وإذا لم يصح هذا الشرط عندنا لا يبطل العقد بهذا الشرط؛ لأن هذا الشرط وأداء ما تم به العقد، والشرط الفاسد في الكتابة لا يفسد العقد إذا لم يكن متمكنا في صلبه، وإنما يفسد إذا تمكن في صلبه لمعنى،


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٢٠٩).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) (استبد) بكذا تفرد به. وقولهم لا (بد) من كذا أي لا فراق منه، وقيل لا عوض.
انظر: مختار الصحاح (ص: ٣٠).
(٤) في (أ) شيئا والصحيح ما ذكر في (ب) إلى حيث شاء.
(٥) بغي: بغيته طلبته بغاء بالضم وهذه بغيتي أي مطلوبي ويقال أبغني ضالتي أي اطلبها لي ومنه قوله في شروط السير فإن بغى أحدهما صاحبه في شيء من هذا الكتاب أي طلب له شراء وأراد له.
انظر: المغرب في ترتيب المعرب (ص: ٤٨).
(٦) في (أ) الأصل والصحيح ما ذكر في (ب) الأرض.
(٧) سورة [المزمل: ٢٠].
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٢١٠).