للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للعمل بالشبهين؛ وذلك لأنا لو ألحقنا هذه القرابة، وهي قرابة الأخوة بالأولاد في حق الكتابة وقلنا: بأن الأخ يتكاتب على المكاتب إذا اشتراه [وجب عليه] (١) أيضا أن يقول: إذا ملك الحر أخاه يعتق عليه أيضا، فحينئذ يلزم ألغا العمل بشبه قرابة بني الأعمام، فلا يبقى حينئذ قرابة الأخوة متوسطة بين قرابتين؛ لأن المتوسط هو ذو حظ من الجانبين مما لم يعمل بها لم يبق المتوسط متوسطا.

وذكر في الذخيرة (٢) وأبو حنيفة -رحمه الله- بقول علة صيرورة حال المملوك بمنزلة حال المالك شيئا، قرابة محرمة للنكاح، وحقيقة الملك على ما قال -عليه السلام- «من ملك ذا راحم محرم منه عتق عليه» (٣)، فقد جعل العلة شيئين القرابة المحرمة للنكاح، وحقيقة الملك، وهذه العلة بجملتها وجدت في حق الحر سواء ملك أخاه، أو ابنه، أو أباه؛ لأن [للحر] (٤) ملك حقيقة، وقد وجدت القرابة المحرمة للنكاح، وقد وجدت علة العتق في حقهم، فيعتقون.

وأما المكاتب فقد وجد عليه العتق فيما إذا كان المشتري ابنه، أو والده؛ لأنه وجدت القرابة المحرمة للنكاح، وهذا ظاهر، ووجدت حقيقة الملك أيضا حكما؛ لأنه انضم إلى حق الملك الولاء، وللولاء زيادة أثر في إيجاب الصلة ليس ذلك لمجرد القرابة المحرمة للنكاح حتى إن الأب [مستحق] (٥) النفقة (٦)، وإن كان كسوبا (٧) ويستحق النفقة عند


(١) في (ب) وجب علينا.
(٢) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٤/ ١٢١).
(٣) عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك ذا رحم محرم عتق» أخرجه النسائي في السنن الكبرى للنسائي (٥/ ١٣) كتاب (العتق) باب (من ملك ذا رحم عتق عليه) رقم الحديث (٤٨٧٧) قال النسائي لا نعلم أن أحدا روى هذا الحديث عن سفيان غير ضمرة، وهو حديث منكر، والله أعلم.
(٤) في (ب) الخر له.
(٥) في (ب) يستحق.
(٦) النفقة لغة: اسم من الإنفاق وما ينفق من الدراهم ونحوها والزاد وما يفرض للزوجة على زوجها من مال للطعام والكساء والسكنى والحضانة ونحوها وجمعها نفقات ونفاق ما ينفقه الإنسان على عياله. انظر: لسان العرب (١٠/ ٣٥٨)، المعجم الوسيط (٢/ ٩٤٢). شرعا: اسم بمعنى الإنفاق، وهو عبارة عن الإدرار على الشيء بما به يقوم بقاؤه.
انظر: العناية شرح الهداية (٤/ ٣٧٨)، البناية شرح الهداية (٥/ ٦٥٩).
(٧) الكسب لغة: كسبه يكسبه كسبا وكسبا، وتكسب واكتسب: طلب الرزق، أو كسب: أصاب، واكتسب: تصرف واجتهد.
انظر: مختار الصحاح (ص: ٢٦٩)، لسان العرب (١/ ٧١٦)، القاموس المحيط (ص: ١٣٠).
اصطلاحا: هو المفضي إلى اجتلاب نفع أو دفع ضرر، ولا يوصف فعل الله بأنه كسب؛ لكونه منزها عن جلب نفع أو دفع ضرر.
انظر: التعريفات (ص: ١٨٤).