للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: المتبرع عليه هاهنا هو المكاتب من وجه من حيث أن مقصود الإذن عتقه [و] (١) بعد العجز صار موقوفا له من كل وجه والمولى لا يستوجب على عبده دينا ولا عينا خصوصا إذا خرج عن يده بالتسليم إلى المكاتب، بخلاف الزوجة، والبائع؛ لأن ذمتهما محل صالح لوجوب دين المتبرع، فيثبت له حق الرجوع إذا لم يحصل مقصوده، كذا ذكره الإمام المحبوبي، وقاضي خان (٢).

(وفائدة الإذن أن لا يكون له حق الفسخ) وإنما ذكر هذا؛ لئلا يتوهم أن ما ذكره في صورة المسألة. بقوله: (وإذا كان العبد بين رجلين أذن أحدهما لصاحبه أن يكاتب نصيبه) في حق جواز كتابة نصيب من العبد، وليس كذلك فإن أحد الشريكين لو كاتب أحدهما نصيبه بغير إذن شريكه صحت الكتابة، ونفذت بالإجماع، لكن عند أبي حنيفة -رحمه الله- مقتصرا في نصيبه، وعندهما (٣) في الكل؛ وذلك لأن الكتابة إما معاوضة، أو تعليق، وأي الأمرين اعتبرنا يصح في نصيبه، وإن كان بغير إذن شريكه، فإنه لو باع أحدهما نصيبه، أو أعتق [، أو دبر، أو علق] (٤) نصيبه بأداء المال ليس للساكت أن يفسخه (٥).

فإن قلت: وردت هاهنا حينئذ شبهة على هذا الأصل ورودا ظاهرا، وهي أن الكتابة إما أن يعتبر فيها معنى المعاوضة، أو معنى الإعتاق، أو معنى تعليق بأداء المال، فلو


(١) ساقطة من (ب).
(٢) انظر: العناية شرح الهداية (٩/ ١٩٨)، البناية شرح الهداية (١٠/ ٤٣٠).
(٣) أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) المحيط البرهاني في الفقه النعماني لابن مازة الميرغيناني (٤/ ١٤٤) وفيه: (وأجمعوا على أنه لو باع أحدهما نصيبه أو أعتق أو دبر، أو علق عتق نصيبه بأداء المال إنه ليس للساكت أن يفسخه. والوجه في ذلك: أن المكاتب بكتابة نصيب نفسه وإن تصرف في خالص ملكه إلا أنه ألحق بغيره وهو الساكت ضررا فإنه بسبب كتابته يبطل على الساكت حق البيع في نصيبه؛ لأن نصيب المكاتب بالكتابة صار حرا يدا للحال وحرية اليد مانعة جواز البيع كحرية الرقبة.