للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: لا، كذلك؛ فإن محمدًا- رحمه الله- ساعدهما في أن حد الغصب هو إزالة المال عن يد المالك بإثبات اليد عليه، غير أن له عُذرًا في تحقق الغصب في العقار، لا أنه لا يَشترط في حد الغصب إزالة يد المالك، والدليل على هذا ما ذكره في «الإيضاح» (١) بقوله مطلقًا: وعندنا حد الغصب إزالة المال عن يد المالك على ما ذكرنا؛ ولأن حد الغصب لو كان عند محمد كما هو حده عند الشافعي، فقال بضمان زوائد المغصوب كما قاله الشافعي، ولم يقل محمد بذلك؛ عُلم أنه يَشترط في حد الغصب إزالة يد المالك [كما هو مذهبهما (٢).

وأما عُذره (٣) في تحقق الغصب في العقار عنده مع أن إزالة المال عن يد المالك] (٤) شرط عنده فما ذكره في «المبسوط» (٥) في تعليل قوله في العقار بقوله: (ومحمد يقول العقار يُضْمَن بالعقد الجائز (٦)، والفاسد (٧) فيُضمن بالغصب كالمنقول، وتحقيقه: أن وجوب ضمان الغصب يَعتَمِد تفويت يد المالك، وذلك فيما يتأتَّى ذلك فيه، فأما فيما لا يتأتى فيُقام غيره مقامه لإثبات الحكم، وهو الاستيلاء بأقصى ما يمكنه بالسكنى، وإخراج المالك عنه) إلى آخره، ويَذكر تمامه في تلك المسألة -إن شاء الله تعالى-؛ فعُلم بهذا أن محمدًا يشترط إزالة يد المالك في غصب المنقول، فأما في حق (٨) غير المنقول يُقِيم الاستيلاء مقام الإزالة للضرورة لا أنه لا يَشترط (٩)، ولو لم يكن كتابي هذا إلا لتقويم ما اعوج من الحواشي المنقولة، وتشديد ما استقر من الحوالات المتحولة لكفى به أن يُرغب، ومن أباعه أن يطلب.


(١) انظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٤٣)، درر الحكام (٢/ ٢٦٣).
(٢) أي: مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف -رحمهما الله-.
(٣) أي: محمد-رحمه الله-.
(٤) في (ع): سقط نظر.
(٥) للسرخسي (١١/ ٧٣ - ٧٤).
(٦) الْبَيْعُ الصَّحِيحُ: هُوَ الْبَيْعُ الْجَائِزُ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمَشْرُوعُ أَصْلًا وَوَصْفًا. انظر: مجلة الأحكام العدلية (ص: ٣٠) (الْمَادَّةُ ١٠٨).
(٧) الْبَيْعُ الْفَاسِدُ: هُوَ الْمَشْرُوعُ أَصْلًا لَا وَصْفًا يَعْنِي: أَنَّهُ يَكُونُ صَحِيحًا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ فَاسِدًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجَةِ، والْبَاطِلُ: هُوَ مَا لَا يَكُونُ صَحِيحًا أَصْلًا وَوَصْفًا. انظر: العناية شرح الهداية (٦/ ٤٠٢)، التعريفات (ص: ٤٨)، مجلة الأحكام العدلية (ص: ٣٠).
(٨) سقطت في (ع).
(٩) انظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ١٧٨).