للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وفي المنقول: النقل فعل فيه) أي: في ذلك المنقول (وهو الغصب) أي: الفعل في المغصوب بالنقل وهو الغصب؛ لأن بذلك يتحقق إزالة يد المالك/ عن ذلك المنقول، وإثبات يد الغاصب فيه فيتحقق الغصب مع أن هذين الموضعين- أعني: إزالة يد المالك، وإثبات يد الغاصب- لو اجتمعا في المنقول (١) فأعظمها تأثيرًا في الغصب وصف الإزالة لا وصف الإثبات، بدليل أنّ الإزالة لو تجرّدت عن الإثبات يصلح سببًا للضمان لا في العكس، وبيان ذلك: أن من كان في يده دُرَّة (٢) فضرب غيره على يده حتى ألقاها في البحر؛ فإنَّه يجب الضمان على الضارب (٣)، وقد عدم إثبات اليد، ولو تجرّد الإثبات عن الإزالة لم يصلح سببًا للضمان، كما إذا وضع يده على (٤) مال الغير من غير إزالة عن مكانه، فلا يجب الضمان على الواضع؛ لأنّ التعدي إنّما يحصل بالإزلة؛ فإن محمدًا إنما يقول بالضمان لإثبات اليد في العقار، إذا كان ذلك الإثبات على طريق الاستيلاء، حتّى أن من دخل دار رجل بغير إذنه فسقط منها حائط لم يضمن بالاتفاق (٥). ذكره في «المبسوط» (٦).

ولما كان كذلك إذا اجتمع هذان الوصفان في المنقول يجب أن يُحلل حكم الغصب على ما هو أكثر تأثيرًا في سبب الضمان وهو الإزالة، لا على ما هو أقلّ تأثيرًا، وهو الإثبات.

لم يحتمل هذا الذي ذكره، وهو أن الغصب إنما يتحقق في المنقول بالنقل، ولا يتحقق بدون النقل فيما إذا لم يتصرف فيه تصرف الملاك (٧) بأن وضع يده.

وأما إذا تصرَّف فيه تصرُّف الملاك يكون غاصبًا (٨) بدون النقل عن مكانه؛ لأنه ذكر في «الذخيرة» (٩) و «المغني» (١٠): أنه إذا ركب دابّة رجل حال غيبته بغير أمره ثم نزل عنها وتركها في مكانها، ذكر في آخر كتاب اللُقطة أن عليه الضمان؛ وذكر الناطفي (١١) في «واقعاته» (١٢): فيه اختلاف الروايات، ثم قال: والصحيح أنه لا يَضمن على قول أبي حنيفة- رحمه الله-؛ لأنّ غصب المنقول لا يتحقّق بدون النقل، ولكن ذكر في «الأسرار» (١٣) فيه الضمان على ما يجيء.


(١) في (ع): (المغصوب).
(٢) الدُّرَّةُ: اللُّؤْلُؤَةُ. مختار الصحاح مادة (د ر ر) (ص: ١٠٣).
(٣) انظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ١٧٨).
(٤) سقطت في (أ).
(٥) انظر: المبسوط للشيباني (١٢/ ١٢٨)، بدائع الصنائع (٧/ ١٤٨).
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي (١١/ ٧٦).
(٧) في (أ): (المالك).
(٨) سقطت في (أ).
(٩) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٦٤)، درر الحكام (٢/ ٢٦٣).
(١٠) انظر: البحر الرائق (٨/ ١٢٤)، مجمع الضمانات (ص: ١٤٤).
(١١) هو: أحمد بن محمد بن عمر أبو العباس الناطفي، والناطفي نسبة إلى عمل الناطف وبيعه، أحد الفقهاء الكبار، له كتاب (الأجناس والفروق) في مجلد، و (الواقعات) في مجلدات، توفي بالري سنة ٤٤٦ هـ. انظر: تاريخ الإسلام (٩/ ٦٧٦)، الجواهر المضية (١/ ١١٣)، تاج التراجم (ص: ١٠٢)، الفوائد البهية (١/ ٣٦).
(١٢) انظر: المحيط البرهاني (٥/ ٤٦٤)، فتاوى قاض خان (٣/ ٩٦)، البحر الرائق (٨/ ١٢٤).
(١٣) انظر: الأسرار (٣/ ١٠٨).