للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الفسوق، والتلذُّذ بها من الكفر (١) (٢) (٣).

وقد رُوي أن عمر (٤) -رضي الله عنه- بلَغَه عن نائحة (٥) من نساء أهل المدينة فأتاها حتى هجم عليها في منزلها، ثم ضربها بالدِّرة (٦) حتى سقط خِمارها (٧) فقيل له: «يا أمير المؤمنين إن خمارها قد سقط؟ فقال له: إنه لا حرمة لها» (٨) وتكلموا في قوله: «لا حرمة لها» قيل: معناه أنها لما اشتغلت بما لا يحل في الشرع فقد [أسقطتْ بما صنعتْ حرمتها والتحقت] (٩) بالإيماء، والدليل عليه ما رُوي عن الفقيه أبي بكر البلخي (١٠) - رحمه الله- أنه خرج على بعض نهرٍ، وكان النساء على شط (١١) نهر كاشفات الرؤوس والذراع، فقيل له: كيف فعلت هذا؟ فقال: إنه لا حرمة لهن، إنما الشك في إيمانهن كأنهن (١٢) حربيات) وإنما قال ذلك استدلالًا بما قاله عمر -رضي الله عنه- كذا في «الجامع الصغير» (١٣) للإمام المحبوبي.


(١) في (ع): زيادة (لو استحل به).
(٢) لم أجده بهذا اللفظ، ولعلنا نكتفي بمافي صحيح البخاري: كتاب الأشربة، باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه (٧/ ١٠٦) برقم (٥٥٩٠) من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري، والله ما كذبني: سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليكونن من أمتي أقوام، يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، … ".
(٣) وقال الحصكفي: (وفي البزازية: استماع صوت الملاهي كضرب قصب ونحوه حرام لقوله عليه الصلاة والسلام: استماع الملاهي معصية والجلوس عليها فسق والتلذذ بها كفر أي بالنعمة، فصرْفُ الجوارح إلى غير ما خلق لأجله كفر بالنعمة لا شكر، فالواجب كل الواجب أن يجتنب كي لا يسمع، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام أدخل أصبعه في أذنه عند سماعه وأشعار العرب لو فيها ذكر الفسق تكره). الدر المختار (ص: ٦٥٢)
(٤) في (ع): (علي).
(٥) نائحة لُغَةً: التَّنَاوُحُ: التقابل. مقاييس اللغة مادة (ن و ح) (٥/ ٣٦٧) مختار الصحاح مادة (ن و ح) (ص: ٣٢١)، واصطلاحًا: اجْتِمَاع النِّسَاء وتقابلهن بَعضهنَّ لبَعض للبكاء على الْمَيِّت والتناوح التقابل، ثمَّ اسْتعْمل فِي صفة بكائهن وَهُوَ الْبكاء بِصَوْت وندبة. مشارق الأنوار (٢/ ٣١)، معجم لغة الفقهاء (ص: ٤٧١).
(٦) الدِّرَّة: بالكسر التي يُضرب بها. الصحاح مادة (د ر ر) (٢/ ٦٥٦).
(٧) الْخِمَارُ: وهو ما تغطي به المرأة رأسها. المغرب مادة (خ م ر) (ص: ١٥٤).
(٨) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه: كتاب الجنائز، باب الصبر والبكاء والنياحة (٣/ ٥٥٧) برقم (٦٦٨١) بلفظ: عن عمرو بن دينار قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبكين، فجاء عمر ومعه ابن عباس ومعه الدرة، فقال: «يا أبا عبد الله ادخل على أم المؤمنين فأمرها فلتحتجب، وأخرجهن علي» قال: فجعل يخرجهن عليه وهو يضربهن بالدرة، فسقط خمار امرأة منهن فقالوا: يا أمير المؤمنين خمارها، فقال: «دعوها ولا حرمة لها». كان معمر يعجب من قوله «لا حرمة لها» وانظر: تاريخ المدينة لابن شبة (٣/ ٧٩٩)، مسند الفاروق لابن كثير (١/ ٢٣٩).
(٩) سقطت في (ع).
(١٠) انظر: الدر المختار (ص: ٢٠٠)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٨)، حاشية ابن عابدين (٣/ ١٩٥).
(١١) الشَّطُّ: جَانِبُ النَّهْرِ. مختار الصحاح مادة (ش ط ط) (ص: ١٦٥).
(١٢) سقطت في (ع).
(١٣) انظر: البحر الرائق (٨/ ١٤٢)، حاشية ابن عابدين (٣/ ١٩٥)، تبيين الحقائق (٥/ ٢٣٨).